أسبوعان فقط وتبدأ العطلة الصيفية في الجامعة اللبنانية، فيسدل الستار على عام جامعي رجّحت فيه الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة كفّة «الحوار» على خطة التحرك الميداني، فلم تخرج منه سوى بـ«إنجاز» يتيم: ملف دخول الملاك، فهل هناك فعلاً استعداد لمقاطعة امتحانات الدورة الثانية لتحقيق المطالب الإصلاحية للجامعة؟
فاتن الحاج
هي المرة الرابعة التي يخرج فيها أساتذة الجامعة اللبنانية، هذا العام، إلى ساحات بيروت لحماية حقوقهم البديهية. لكن نبض هؤلاء في الشارع لا يشير إلى أنّهم سيستمرون كثيراً في الرهان على سلطة سياسية شطبت، منذ زمن ليس بقريب، «المؤسسة الوطنية الكبرى» من أجندتها الطائفية والمذهبية. ومع ذلك، يتمسّك بعضهم بنافذة أمل مصدرها وجود وزراء زملاء في الحكومة اختبروا تفاصيل شؤون الجامعة وشجونها. فهل يستجيب الوزراء لزملائهم الأساتذة وجامعتهم؟ وهل يتخطى الزميل وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة، كما دعاه الأساتذة، الحواجز والاعتبارات السياسية والطائفية فيرفع إلى مجلس الوزراء لائحة بأسماء العمداء الأكفاء والأصيلين المقتنع بها من بين المرشحين في مجالس الوحدات لإصدار مراسيم التعيين قبل بدء العطلة الجامعية في الأول من آب؟
الأساتذة، على الأقل، لا يأملون كثيراً، لكنّهم يربطون النزاع عشية انتخابات الهيئة التنفيذية لرابطتهم التي يبدو أنّ درب «نضالها» سيكون طويلاً في العام المقبل. ثمة بقعة ضوء بدأت تلوح في الأفق مع بروز تيار من الأساتذة الجامعيين المستقلين والديموقراطيين يستعد لخوض المعركة الانتخابية بعناوين نقابية، ومن بينهم د. شفيق شعيب الذي يوضح أنّه يساري وديموقراطي ولا ينتمي إلى «حركة اليسار الديموقراطي»، كما ورد في عدد «الأخبار» أمس، فاقتضى التصويب والاعتذار.
في المقابل، لا يستبعد د. نزيه خياط، أمين الإعلام في الهيئة التنفيذية الحالية لرابطة الأساتذة ومسؤول قطاع التربية والطلاب في تيار المستقبل «مواصلة التحرك بالوسائل الديموقراطية التي ستبدأ بتعليق الدورة الثانية للامتحانات الجامعيّة ولا تنتهي بتعليق بدء العام الجامعي المقبل، وذلك من أجل تعيين عمداء، وهو المطلب الأكثر حيوية لانتظام عمل الجامعة، وإعادة احتساب معاش تقاعدي يوفر الأمان والعيش الكريم للأساتذة في شيخوختهم، واستطراداً تعيين مديرين أصيلين في أقرب فرصة ممكنة». يقول: «لا مجال لتراخي الهيئة التنفيذية الجديدة بشأن المطالب الأكاديمية والإصلاحية في الجامعة».
أما رئيس الهيئة د. حميد الحكم فيتحدث عن «تضارب في المعلومات التي وردتنا من السرايا الحكومية، إذ يشير بعضها إلى أنّ مشروع قانون احتساب المعاش التقاعدي على أساس القسمة على 35 بدلاً من 40 أرجئ من الجلسة الماضية لمجلس الوزراء إلى جلسة اليوم (أمس)، فيما تقول أخرى إنّ المشروع أرجئ إلى حين إعداد مشروع قانون آخر يعكس الأفكار التي طرحت على طاولة المجلس، أي إعطاء الأساتذة 5 سنوات إضافية عند نهاية الخدمة. لكن ما يطرحه الحكم هو مناقشة هذه الأفكار مع الأساتذة ورابطتهم وعدم فرضها فرضاً، و«خصوصاً أننا لا نعلم أي تفصيل عن المشروع العتيد».
وفي التحرّك الذي تزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية، قال: «اعتصامنا اليوم، في هذه الساحة المركزية من بيروت، وعلى مقربة من السرايا، وبعد مرور نحو 40 يوماً على اعتصام بعبدا، هو تذكير بالمطالب المحقّة التي لا ننفك عن رفعها والمناداة بها في سبيل رفعة الجامعة اللبنانية ودعم الأستاذ فيها».
آخر مرسوم لتعيين العمداء كان في 30 تشرين الأول 2001
وذكّر الرجل بأنّ «آخر مرسوم لتعيين العمداء كان في 30 تشرين الأول 2001 (المرسوم رقم 6640)، علماً بأنّ مجلس الجامعة لم يتعطل إلا نادراً رغم كل الظروف الاستثنائية والصعبة التي مرَّ بها لبنان منذ عام 1975 حتى 2005».
وإذا كانت ترشيحات العمداء قد مضى عليها أكثر من ثلاثة أشهر، فقد استغرب الحكم مماطلة مجلس الوزراء في صدور مراسيم التعيين، ما يدل على موافقة ضمنيّة على بقاء الجامعة دون مجلس يشرف على إدارتها، فضلاً عن تكدُّس المشاريع التي تنتظر تشكيل مجلس الجامعة، وفي مقدمها مشاريع التفرغ.
وسأل رئيس الرابطة: «إلى متى هذا التقاعس في تعيين العمداء والمديرين الذين انتهت ترشيحاتهم في مجالس الفروع والوحدات، ولا سيما أنّ التعيين الثاني، وفقاً للقانون رقم 66، من صلاحيات رئيس الجامعة تحديداً.
هذا الإجراء معطوف على عدم صدور مراسيم تعيين العمداء يؤدي، بحسب الحكم، إلى حالة من البلبلة والاسترخاء في ظل غياب عمداء ومديرين أصيلين. ولا يفشي سراً حين يقول إنّ «هناك إصراراً على إلغاء مفاعيل القانون رقم 66 والعودة بالتعيينات إلى زمن المحاصصة السياسية وتعطيل دور الهيئات والمجالس الأكاديمية التي هي جوهر القانون الجديد».
وتوقف الحكم عند درب جلجلة مشروع إعادة احتساب الراتب التقاعدي فيقول: «بعد ما قبلنا على مضض بعدم إعطاء الأولوية لقانون تمديد سن الخدمة إلى 68، وبعدما ارتضينا بمشروع قانون احتساب المعاش التقاعدي على أساس 35 سنة بدلاً من ثلاثين وهو مشروعنا الأساسي، تمنّعوا عن إقراره في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة».
أضاف: «في العشرين من أيار الماضي، عُرض مشروع القانون على جدول أعمال مجلس الوزراء، فأحيل إلى لجنة وزارية برئاسة الرئيس سعد الحريري، التي درسته ووافقت عليه، وجرى تدعيمه بدراسة إحصائية من إدارة الجامعة، ثم عرض مجدداً على مجلس الوزراء في جلسة 30 أيار، ولم يقر، وأجّل إلى جلسة 8 حزيران، حيث تعرّض لمحاولة نسفه واستبداله بأفكار غير مدروسة أثارت لدى الأساتذة الكثير من الشكوك والهواجس».
ثم استغرب التخلي عن «مشروع متماسك منصف أمضت الجامعة والوزارة أشهراً في إعداده مقابل بدائل غير محسوبة»، سائلاً: «هل نحن قاصرون حتى يقرروا عنّا وبغيابنا؟ وهل نسي الوزراء الزملاء بهذه السرعة مطالب الجامعة وحقوق أساتذتها؟ وإلى متى تستمر سياسة النكث بالوعود؟».
ولم يخف الحكم أن «الهيئة التنفيذية، التي اعتمدت أسلوب الحوار، هالها ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وهي تستنكر اعتماد أسلوب المراوغة والخداع والتعامل بخفّة مع قضايا الجامعة ومطالبها، ما يؤكد عدم تحمّل الحكومة مسؤوليتها تجاه هذه المؤسسة الوطنية الكبرى».
وشدد رئيس الهيئة على أن «مطالبنا ومكتسباتنا خط أحمر، ولن نتنازل عنها. وقد حصلنا عليها نتيجة نضالات طويلة وإضرابات عدة، وأقرّت بها جميع القوانين والمراسيم»، متعهداً بالاستمرار في «تحركاتنا لحمايتها، مستخدمين لذلك كل الأساليب الديموقراطية المشروعة التي سنمارسها حتى اليوم الأخير من ولاية الهيئة الحالية، وستكون على رأس أولويات الهيئة المقبلة لأن العمل في الرابطة هو استمرارية».