الضنية ــ عبد الكافي الصمدلا يمكن أيّ متابع أن يتوقع مدى تطوّر الأزمة بين بلديّتي بقاعصفرين ـــــ الضنية وبشري، ولا كيفية معالجة الصراع بين البلديّتين منذ سنوات، وتنازعهما بشأن مشاعات الأراضي ومصادر المياه في القرنة السوداء ومحيطها، في ظل تمسّك كل جهة بما تقول إنه حق لها.
الترقّب سيد الموقف في انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات والمساعي المقبلة لاحتواء الأزمة، بعد فشل اللقاء الأخير، الذي جمع رئيسي البلديتين في سرايا طرابلس بدعوة من محافظ الشمال ناصيف قالوش، في التوصل إلى حل وسط. وقد حصلت «الأخبار» على تقرير أعدّته المديرية العامة للموارد والمياه في وزارة الطاقة والمياه قبل نحو سنتين (في 6/8 /2008)، بعد أن كشف وفد من المديرية على منطقة جبل المكمل، القرنة السوداء، جرد النجاص وبقاعصفرين، إثر مشاكل وقعت بين الطرفين صيف ذلك العام نتيجة قطع قساطل مياه بلاستيكية (نباريش) كانت أكثر من 300 عائلة في منطقة جرد النجاص في أعالي جرد بقاعصفرين تستخدمها لاستجرار مياه الثلاجات (الثلوج الذائبة والمتراكمة فوق القرنة السوداء) من أجل ريّ أراضيهم الزراعية في جرد النجاص.
وأشار التقرير الذي أعدّه رئيس دائرة المعدات والتجهيزات في المديرية جورج فخري، بالاشتراك مع المدرب رفيق حكيم والمهندس علي الخطيب، استناداً إلى إحالة مقدمة من المديرية بتاريخ 27/5 /2008 وكتاب بلدية بشري بتاريخ 20 /5 /2008، إلى أنه كشف على موقع الثلاجات، برفقة عضوين من بلدية بشري و10 عناصر من مخفر الأرز التابع لقوى الأمن الداخلي، انضم إليهم في منطقة القرنة السوداء رئيس بلدية بقاعصفرين يومها عمر طالب، ودورية أخرى تابعة لقوى الأمن الداخلي من منطقة الضنية.
يوضح التقرير أن كميات الثلوج في تلك الفترة فوق القمة كانت منخفضة جداً، وعدد الثلاجات الباقية قليل مقارنة مع السنوات السابقة، ولم يلحظ وجود أي تمديد للقساطل (الأنابيب) فيها، لكن شوهد قسطل سعته إنش يتفرع من ثلاجة صغيرة الحجم موقعها منحدر لناحية شمال القرنة نحو جرود الضنية، وقسطلان آخران لجهة غرب القرنة مُدّا نحو جرد النجاص، كذلك لوحظ وجود قطعان للماشية فيها.
ويلفت التقرير إلى أن الطريق الترابية بين القرنة وجرد النجاص يبلغ طولها 18 كيلومتراً، وأن مزارعي المنطقة أعدّوا «برك مياه ترابية بدائية التنفيذ مغطاة بنايلون أبيض شفاف، تتسع لنحو 20 متراً مكعباً من المياه من أجل ريّ مزروعاتهم في منطقة لوحظ فيها وجود حاجة إلى مياه الري، إذ إن كميات المياه التي يجري استجرارها بالقساطل لا تكفي لتعبئة الخزانات الصغيرة، ولريّ مساحات ضئيلة بطريقة التنقيط».
وخلص التقرير إلى أن «تمديدات القساطل البلاستيكية منفذة بطريقة بدائية، ممدودة على الأرض، ذات تعرّج منخفض ومرتفع، ما يدل على صعوبة إمرار المياه في هذه القساطل بكميات كبيرة، علماً بأن فترة ذوبان الثلوج (مياه الثلاجات) تكون خلال النهار ولعدة ساعات فقط، وتتجمّد في الليل، وهي عرضة للتسكير بالأتربة، ما يعني أن مجمل كميات المياه التي يمكن استجرارها بهذه القساطل لا تتجاوز 20متراً مكعباً إلى 30 في اليوم. وفي مطلق الأحوال، حسب المعطيات المتوافرة لدينا ومعرفتنا، فإنه ليس هناك أيّ تأثير على الإطلاق على ذوبان المياه وتغذيته الطبقة الجوفية».
ويشير التقرير إلى أنه «إذا أُهّلت بركة عطارة في جرد النجاص بطريقة فنية تحفظ المياه لتستوعب بحدود 100 ألف متر مكعب من مياه السيلان السطحي وذوبان الثلوج، فإن هذه البركة تكفي لسد حاجات المزارعين القريبين في تلك المنطقة، وهم قد يستغنون عن تمديدات القساطل المنفذة بطول 15 كلم إلى 20 كلم لجمع عشرات الأمتار المكعبة من المياه يومياً».