صيدا ــ خالد الغربيتقصد نبيلة صالح نهر الأولي عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا لملء عشرة «غالونات» من مياهه. تبدو صالح مقتنعة بأنّ المياه التي أحضرتها لن تكفيها أكثر من يوم واحد، رغم التقنين القاسي الذي تعتمده منذ بداية أزمة انقطاع المياه في المدينة. «طلعت براس الشعب المعتر»، تقول دلال الجردي التي تقطن في منطقة عبرا، إذ لم تنل عائلة الجردلي من المراجعات التي تجريها بالمسؤولين منذ عشرة أيام سوى الوعود. تشرح السيدة كيف أنّ الأزمة تصبح مضاعفة هذا الشهر مع ازدياد الحاجة إلى المياه إما للشرب أو الاستخدام. أما سماح الغربي فترفض إدراج احتجاجهم على انقطاع المياه في خانة «النق»، «لكن الوضع لم يعد يطاق، وكلما نسمع خربشات داخل الخزان نهلل ظناً منّا بأنّ المياه عادت إلى مجاريها»، تقول الغربي، مشيرة إلى أنّ «المياه تزورنا ساعة واحدة بالنهار وما بتلحق توصل على الخزان حتى تنقطع مجدداً». تضيف بغضب: «تصوّر عم نشتري نقطة المي».
هكذا، يتبارى الأهالي في التعبير عن سخطهم من الأزمة، فيهتف أبو أحمد القبرصلي كمن يقود تظاهرة احتجاجية: «بدنا نكسر هالجرة والعيشة صارت مرة مع أصحاب المعالي». ويسأل: «وين الدولة وشو عم تعمل، بس بتأخذ ضرائب؟».

مسؤول في مصلحة المياه بشّر بانتهاء الأزمة خلال ساعات

من عبرا إلى قلب صيدا «النابض بالدم لكنه غير نابض بالماء»، كما يتهكم أبو محمد الزعتري أحد سكان حي النجاصة. الزعتري كان يملأ «غالونات» المياه من مركز إطفائية صيدا ومن مركز الدفاع المدني وينقلها في فانه الخاص ويوزعها حصصاً على الأهالي تحسساً منه، كما قال، بمسؤولية تبدو غائبة عن الدولة. بدورها، تستغرب زوجته سهى كركي أن تحصل مثل هذه الأزمة في شهر الحر «شو هالوضع المزري، وبأي بلاد عايشين؟».
أما أحد المسؤولين في مصلحة مياه الجنوب الذي رفض ذكر اسمه فعزا أسباب انقطاع المياه في بعض أحياء صيدا ومناطقها وقراها إلى إصلاح بعض الأعطال والقيام بأعمال صيانة روتينية في بعض المضخات. وأوضح أنّ التقنين القاسي في الكهرباء يؤثر على عمل المضخات التي يصعب «تشغيلها» بواسطة مولدات كهرباء خاصة. لكن المسؤول بشّر باقتراب انتهاء الأزمة خلال الساعات المقبلة.
ومع ذلك لا يجد الأهالي أنفسهم معنيين «بتحمل المزيد من المعاناة في فصل الصيف مهما كانت الأسباب»، كما يقول محمود حجازي، صاحب أحد المحال التجارية. يسأل: «ماذا عن الحفريات التي نفذت العام الماضي لتمديد كابلات كهربائية تحت الأرض ووصلها مباشرة بمضخة مياه عند مستديرة السرايا لتوفير الكهرباء لها من خط الطوارئ أي الخط الذي يغذي بالتيار الكهربائي على مدار 24 ساعة؟». «الواقع يشير إلى عكس ذلك وإلا فما الذي يفسّر الانقطاع المستمر في المياه»، يقول.