فاتن الحاج«ماذا نفعل بنفاياتنا»؟ الإجابة المتوقعة عن هذا السؤال هي الحرق والطمر، وفي أحسن الأحوال إعادة التدوير، يقول وائل حميدان، المدير التنفيذي لرابطة الناشطين المستقلين (إندي ـــــ أكت). أما نتائج التقنيّتين الأوليين فلا تعدو «تلويث المياه أو نشر الملوثات المسرطنة في الجو». ومع أنّ إعادة التدوير تقنية مهمة، إلا أنها تبقى غير كافية، برأيه، لمقاربة مشكلة النفايات الصلبة، ولا سيما أنّ عدداً كبيراً من المواد غير قابل للتدوير. من هنا، يرى الرجل أنّ «هذا السؤال لم يكن صحيحاً في يوم من الأيام، وعلينا استبداله بسؤال آخر: كيف يمكن أن نخفف من إنتاج النفايات لنتخلص من عقلية التخلص من النفايات التي هي العارض وليست المرض؟». الإجابة عن هذا السؤال تقود، كما يقول، إلى تطبيق مبدأ «صفر نفايات».
هذا المبدأ كان محور مؤتمر دولي افتتحته أمس «إندي ـــــ أكت» بالتعاون مع التحالف العالمي لبدائل الحرق (غايا).
ما هو مبدأ «صفر نفايات» بالتحديد؟ يشرح حميدان أنّه «مفهوم تصميم يضمن تصنيع المنتجات بطريقة تمكّن من إعادة استخدامها أو تدويرها مرة أخرى إلى الطبيعة أو السوق». ويستدرك: «لكن المبدأ لا يعتمد على إعادة التدوير فحسب، فتزايد حجم النفايات هو نتيجة لعمليات الإنتاج غير الفعالة وعمليات التعبئة والتغليف المفرطة». إنّه، كما يقول، نهج كامل من بداية الإنتاج إلى نهايته. يشتمل على مبادئ مسؤولية المنتج الموسّعة التي تضمن تحمّل المصنّعين المسؤولية عن دورة الحياة الكاملة لمنتجاتهم.
ماذا عن لبنان؟ «ليس هناك من سبب يمنع لبنان من تطبيق هذا المبدأ»، تقول آن ليونارد، ناشطة بيئية أميركية تعمل على النفايات منذ 20 سنة. تستند في ذلك إلى أنّ 60 إلى 80 % من النفايات هنا عضوية، ويمكن أن تكون سماداً طبيعياً للمزارع. ليونارد أعدّت فيلماً وثائقياً بعنوان «قصة الأشياء» تشرح فيه بطريقة مشوّقة كيف يمكن إيجاد حلول مثل فرز المكونات العضوية من النفايات الصادرة من المطاعم وإعادة تصميم بعض المنتجات لجهة التغليف لخفض كمية النفايات. وتشير الناشطة إلى أنّ «وقف المحارق هو أفضل طريقة للانتقال إلى مبدأ صفر نفايات». يتدخل حميدان ليقول إنّ «القطاع الخاص تناسبه المحارق لكونها الأكثر ربحاًً. فحرق ألفي طن من النفايات يكلّف الدولة مليار ليرة لبنانية». وفيما ينبّه مدير «إندي ـــــ أكت» إلى أنّ المحارق لا تغني عن المطامر، كما يشاع، يؤكد أنّ مشكلة النفايات لا تحل من دون تشريع ينظّم هذه العملية ولا تتجاوز تكلفته 100 ألف دولار.
يلفت الرجل «إلى أنّ لبنان من البلدان القليلة في العالم التي ليس لديها قانون لإدارة النفايات الصلبة».
يتحدث عن خطة عمل وطنية وضعت لها «إندي ـــــ أكت» جدولاً زمنياً يبدأ بوضع الحوافز خلال عامي 2010 و2011 وبناء المنشآت خلال 2011 و2012 والفرز من المصدر بطريقة جدية اعتباراً من 2012 . وقد وضعت الخطة أهدافاً متوسطية، منها إعادة تدوير 60 % من النفايات عام 2015 و80 % عام 2020 و100% عام 2025.
تعلّق وزيرة الدولة منى عفيش بالقول إنّ «أولى الخطوات بدأت مع دراسة مجلس الوزراء للخطة البيئية والتشريع».
بدا هذا الكلام خيالياً لإحدى المشاركات التي سألت كيف يمكن أن يقتنع الشعب اللبناني بقابلية هذه الخطة للتنفيذ في بلد يُشغل فيه الناس بأمنهم ولقمة عيشهم؟
هنا يؤكد حميدان أهمية المسؤولية الفردية، مستشهداً بتجربة نساء عربصاليم في فرز النفايات منذ الثمانينيات ومنع دخول مواد البلاستيك إلى قريتهن، علماً بأنّهن كنّ يرزحن تحت الاحتلال ويعشن أوضاعاً اجتماعية واقتصادية صعبة.


بدائل الحرائق

1.4 مليون طن هو حجم إنتاج النفايات سنوياً في لبنان. هذا ما قاله ماني كالونزو، المنسّق الدولي في التحالف العالمي لبدائل الحرائق. وتؤكد الدراسات، بحسب كالونزو، أنّ هذا الرقم قابل للارتفاع بنسبة 6% في السنة الواحدة. وتعالج 8% من هذه النفايات بالطمر و8% بإعادة التدوير. ويذكر المنسّق الدولي أنّ 46 % من هذه النفايات تُرمى في السهول و38% في الحفر المكشوفة.
وتشير مقالة صحافية إلى أنّ كل لبناني ينتج كيلوغراماً واحداً من النفايات في اليوم، أي إنّ النتاج اليومي لكل اللبنانيين يبلغ 4 آلاف طن، وهو كافٍ لملء ملعب فوتبول.
ويرى أنّ مفهوم «صفر نفايات» يساعد لبنان على إدخال قيم بيئية والحدّ من انبعاث الغازات السامة.