استبق وزير التربية حسن منيمنة بداية العام الدراسي المقبل بتدابير «إصلاحية» لافتة، بدأها مع المدارس الخاصة بعزل مديرين، ملوّحاً بأنّ الإجراءات لن تتوقف عند العزل، بل قد تصل الى إقفال تلك المؤسسات. وشدد على أنّ المخالفين في المدارس الرسمية، لن يكونوا بمنأى عن المحاسبة
فاتن الحاج
في خطوتين لافتتين، عزل وزير التربية حسن منيمنة مديري 8 مدارس خاصة ارتكبوا مخالفات قانونية عندما قبلوا تلامذة راسبين يستعدون لدراسة البريفيه، واعدين الأهل بتسوية أوضاعهم مقابل بدل مالي. كذلك أنذر الوزير 50 مدرسة خاصة أسقطت «سهواً» أسماء تلامذة من اللوائح الاسمية التي تقدمها سنوياً للوزارة، بهدف التخفّف من نتائجهم السلبية نظراً لأدائهم الضعيف، عند إعلان نسبة النجاح، مهدّداً بأنّ تدابير الإدارة التربوية تبدأ بالإنذار وتمر بعزل المديرين لتنتهي بسحب رخص المدارس تمهيداً لإقفالها.
هذا القرار ـــــ السابقة ـــــ الذي أعلنه منيمنة، في مؤتمر صحافي عقده أمس، يسجّل له. وخاصةً، إذا كان مقروناً فعلاً بنية حقيقية بمتابعة ضبط جميع المخالفات التي يمارسها أصحاب المؤسسات الخاصة، تجارية كانت أم غير تجارية بحق المعلمين والأهالي على حد سواء، بل «البدع» التي يخترعونها عاماً بعد عام، والتي قد لا يتسع المجال هنا لحصرها.
في مؤتمره الصحافي، كشف الوزير أنّ هناك 8 مؤسسات «أخجل من تسميتها تربوية قبلت تلامذة راسبين في الصف الثامن الأساسي (الثالث متوسط) وفدوا إليها من مدارس تحترم تقويمها التربوي، واعدة الأهل بتسوية أوضاعهم مقابل بدل مالي، وعند الوصول إلى نهاية العام الدراسي تُركوا لمصيرهم، ما دفعهم إلى طرق باب الوزارة والتقدم بطلبات استرحام ليتمكّنوا من الترشح لامتحانات التاسع الأساسي (الشهادة المتوسطة)». ولدى التدقيق في التسلسل الدراسي للطلاب تبين أنّهم رسبوا في السنة السابقة أو ما قبلها، فأوضاعهم غير مبرّرة على اللوائح الإسمية في الوزارة.
هنا وجد منيمنة نفسه، كما قال، «أمام خيارين، إمّا تحميل التلامذة عبء خطأ الأهل والمدرسة، وكلاهما شريك في المخالفة، أو تحميل إدارة المدرسة المعنية مسؤولية المخالفة وتبعات ما يترتب عليها، وبالتالي السماح للتلاميذ بتقديم امتحانات الشهادة المتوسطة، فرجّح الخيار الثاني وسمح لمرة أخيرة ونهائية للتلامذة بالتقدم إلى الامتحانات».
وزارة التربية لن تقبل بزيادة غير مبررة للأقساط
وبدا لافتاً كلام الوزير على أنّه لن يخضع لأي ضغط أو مراجعة تحت أيّ عذر إنساني أو تربوي، منبّهاً الأهالي وإدارات المدارس معاً من مخالفة الأنظمة والقوانين، لأنّ الجهتين ستتحملان تبعات هذه المخالفة.
هكذا، ترافق القراران التربوي والإنساني مع قرار إداري قضى بعزل 8 مديري مدارس خاصة مخالفة ووقف تواقيعهم، ودعوة أصحاب إجازات المدارس المعنية إلى اختيار مديرين بدلاء يطبّقون الأنظمة والقوانين.
لم يسمِّ الوزير المؤسسات «التي تعرف نفسها». ولدى تأكيد الصحافيين على أنّ التسمية تخدم الأهالي في الاختيار، التفت إلى أركان الوزارة المشاركين في المؤتمر قائلاً: «أنا ما عندي مشكلة شو رأيكن يا أساتذة»، أجابه المدير العام للتربية فادي يرق بـ«أنّ المطلوب ليس التشهير بالمدارس، وقد نفعل ذلك في المرّة المقبلة». لكن هذه المؤسسات ستكون، بحسب منيمنة، تحت مجهر الإدارة «التي لن تتهاون مع أيّ خطأ».
إلى ذلك تحدث الوزير عن 50 مخالفة رصدتها الوزارة لجهة سقوط أسماء سهواً من اللوائح، أو عدم احترام المهل القانونية لتقديم اللوائح الاسمية أو بيانات المعلمين إلى الوزارة، أو التأخّر في تقديم طلبات انتقال التلامذة من مدرسة إلى أخرى، علماً بأنّ ممثلي هذه المدارس وقّعوا وثائق تثبت اطّلاعهم على الأنظمة والقوانين.
الوزير وجّه إنذارات إلى المؤسسات المخالفة، مهدّداً إياها بوقف توقيع المدير ومن ثم سحب إجازة المدرسة. وعندما سئل عن توزيع هذه المدارس على المحافظات، قال: «هناك 31 مدرسة في جبل لبنان، 8 مدارس في البقاع، 4 مدارس في الجنوب، 3 مدارس في بيروت، مدرستان في الشمال، ومدرسة واحدة في النبطية».
لكن، وإن كانت خطوة الوزير جيدة، إلا أنها غير كافية في ظل بدع المدارس الخاصة التي لا تنتهي، وآخرها، إجبار الأهل على دفع مبلغ لقاء «فتح ملف» للطالب، كأنّ هذا الأخير يفتح حساباً في مصرف. المبلغ قد يصل إلى مليون ليرة في بعض المدارس الغالية الأقساط. أو يجري مثلاً التلاعب بحصص التدريس للمعلم، فتُحتسب على أساس 60 دقيقة بدلاً من 50 أو 45 دقيقة حتى يصبح دوام المعلم أكثر من 35 حصة دراسية في الأسبوع ، ما يتناقض مع القوانين، إضافةً إلى تمادي مدارس عدة في مخالفة القوانين بأساليب ملتوية، أو استغلال حاجة بعض المعلمات إلى الوظيفة وحرمانهن إجازة الأمومة.
أمّا ما يشغل بال الأهالي على أبواب العام الدراسي، فهو زيادة الأقساط، بعدما لوّح اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة بأنّ الزيادة ستصل إلى 25 %. نسأل الوزير عما ستفعله الوزارة لطمأنة الناس، فيجيب: «سنحاول إجراء دراسة عن كلفة درجات الأساتذة، ولن نقبل زيادة غير مبررة». يعوّل منيمنة على لجان الأهل للضغط على إدارات المدارس للحد من الزيادة. لكن ماذا لو كانت تركيبة لجان الأهل «تبصم» للإدارات، وهي كذلك بأكثريتها؟
وسألت «الأخبار» الوزير عن وعده منذ أسبوعين بإعداد مشروع قانون لتحويل الإجازات الجامعية لمواد التكنولوجيا والاقتصاد والفنون وغيرها إلى تعليمية ورفعه إلى مجلس الوزراء، فقال: «بعدنا عم نحضرو». ماذا لو نفّذ الأساتذة تعهدهم بعدم دخول الصفوف؟ هنا تحدث الوزير عن «منطق غير مقبول للأساتذة ساد في الفترة الأخيرة وهو المسارعة إلى إعلان الاحتجاج والإضراب». كما سألناه عن بعض المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي، الذين يشعرون هم أيضاً بأنّهم مظلومون لكونهم مُنعوا من الخضوع لمباراة مجلس الخدمة المدنية. يعلّق الوزير: «حرام هودي معهم حق، لكن ما في حل لمشكلتهم!».