فيما تراهن هيئات المجتمع المدني على متابعة تحالفها لرصد انتهاكات حقوق الإنسان وعدم الاكتفاء بتقارير تكتب كل أربع سنوات، تنتظر تطبيق قرار التشاور مع الحكومة لإعداد التقرير الوطني
فاتن الحاج
يبدو النائب غسان مخيبر متشائماً حيال إنجاز التقرير الوطني الخاص بحقوق الإنسان قبل 10 تشرين الثاني، موعد المراجعة الدورية الشاملة للأمم المتحدة. أو على الأقل، فإنّ مقرر اللجنة النيابية لحقوق الإنسان يشير إلى أنّ الحكومة اللبنانية قد ترفع تقريرها في ربع الساعة الأخير، علماً بأنّ الموعد النهائي للتسليم ينتهي في أيلول. يعلن مخيبر أنّه قدم استجوابين في مجلس النواب بشأن هذا التأخير في إصدار التقارير ولم يصله الجواب حتى الآن. ينتقد مخيبر غياب نقابة المحامين عن أي جهد في مجال حقوق الإنسان، علماً بأنّ النقابة لها تجربة في عام 1998 حين قدمت تقريراً عن الواقع الحقوقي إلى لجنة حقوق الإنسان الأممية قبل أن تتحوّل إلى مجلس حقوق الإنسان عام 2006 الذي بات يجري المراجعة الدورية بمشاركة الدول الـ192 الأعضاء في الأمم المتحدة.
حينها كان يُطلب من الحكومة نشر توصيات اللجنة الأممية، لكن ذلك لم يحصل يوماً على حد قول النائب.
يتحدث مخيبر عن إعداد خطة وطنية لحقوق الإنسان ستتوزع مسؤولياتها بين مجلس النواب والحكومة والقضاء والمجتمع المدني.
هذا المجتمع أطلق، أمس، من نادي الصحافة تقريره المشترك المعد من ائتلاف 50 جمعية ومنظمة غير حكومية. هنا شرح ممثل مؤسسة فريدريش ايبرت، سمير فرح، أن «تحالف الجمعيات قدم تقريره إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، قبل أن تعد المفوضية تقرير الظل المستند إلى التقارير الفردية والمشتركة للهيئات. وقد قدّم هذا التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في 12 نيسان».
ووصف فرح مجرد التحالف بين الجمعيات بالإنجاز لكونه يحصل للمرة الأولى في لبنان. أما مضمون التقرير فيعد، برأيه، مرجعاً مهماً لمؤسسات الدولة وجمعيات المجتمع المدني والناشطين في حقوق الإنسان. لكن مشاركة المجتمع المدني في المراجعة الدورية تتجاوز، بحسب زياد عبد الصمد، المدير التنفيذي لشبكة المنظمات غير الحكومية للتنمية، مجرد كتابة التقارير، «فمثل هذا العمل المشترك يسهم في تعزيز دور الجمعيات في مراقبة واقع حقوق الإنسان وتقويمه في ما بعد والتأثير في صنع السياسات العامة وتطوير آليات المساءلة الحكومية».
وأكد عبد الصمد أنّ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا يجوز أن تكون مهمّشة لمصلحة الحقوق المدنية والسياسية، حتى ولو كان الإصلاح السياسي من الأولويات في بلدان العالم الثالث، لافتاً إلى أهمية تعزيز المفهوم الحقوقي في الخدمات الاجتماعية أي أن يدرك المواطن أنّ ما يناله حق له وليس منّة من النظام السياسي. عبد الصمد هو أيضاً انتقد التأخير في كتابة التقرير الرسمي، علماً بأنّ هناك تعميماً من وزارة الخارجية بالتشاور مع المجتمع المدني لكن هذا لم يحصل حتى الآن.
لكن رئيسة التجمع النسائي الديموقراطي جمانة مرعي تحدثت عن كتب أرسلتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية المشاركة في إعداد التقرير الوطني إلى الجمعيات النسوية لإبداء ملاحظاتها بشأن القضايا المتعلقة بالمرأة.
مرعي أشارت إلى أنّ «خيارات الحكومة اللبنانية بشأن احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين اللبنانيين والمقيمين غير كافية، فالتفاوتات بين المناطق الريفية والحضرية تولد فوارق جسيمة من حيث التمتع بالحقوق، وهذا يتناقض مع مبدأ العدالة والإنصاف، لذا تبرز الحاجة إلى استحداث قوانين جديدة لتعزيز اللامركزية». أما برنامج باريس ـ3 «الإصلاحي» الذي تبنّته السلطات اللبنانية فيخفق، كما قالت، في ترجمة رؤية توافقية للأطراف المعنية بالسياسات المرتبطة بهذا البرنامج بما في ذلك زيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 12% ومن المتوقع أن ترفع معدّل الفقر إلى 32%.
أما برنا حبيب، من جمعية رواد فرونتيرز، فرأت أنّ عدداً لا بأس به من الحقوق المدنية والسياسية لا يزال ينتهك، بدءاً من آلاف الأجانب واللاجئين غير المعترف بهم أمام القانون إلى قوانين الجنسية التمييزية وعدم الاعتراف بحق طلب اللجوء، وصولاً إلى استمرار تطبيق عقوبة الإعدام واستمرار ممارسات التعذيب في السجون ومراكز الشرطة والاحتجاز التعسفي وعدم احترام معايير التوقيف والمحاكمة العادلة، فضلاً عن التمييز بين اللبنانييين والأجانب لناحية التمتع بالحقوق المدنية من جهة ثانية.
إزاء المراجعة الدورية، يرفع تحالف الجمعيات المدنية تقريره الذي يتضمّن مجموعة من التوصيات بشأن الإصلاحات القانونية والسياسية التي يتعيّن على الدولة اللبنانية إجراؤها خلال السنوات الأربع المقبلة.