يستعدّ لبنان للاحتفال بيوم البيئة العالمي، غداً، بسلسلة من النشاطات، تمتدّ لأسبوع، بينها تقديم وزارة البيئة مشروع قانون حول المحميّات الطبيعية، يفترض أن يسهم في تعزيز أوضاع المحميّات الموجودة وتحفيز حماية مناطق جديدة، ومن ضمنها «المتنزّه الطبيعي الوطني الكبير في الشمال»، الذي أوصت بإنشائه «الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، ويقع في منطقة تصنف بأنها الأكثر فقراً وجمالاً في لبنان
بسّام القنطار
منذ عام 2004، يسعى عدد من البلديات والجمعيات الأهلية ومنظمات دولية وشركات من القطاع الخاص إلى تمهيد الطريق لإنشاء مشروع «المتنزّه الطبيعي الوطني الكبير في شمال لبنان» على مثلّث «كرم شباط ـــــ سير الضنيّة ـــــ جباب الحمر»، في منطقتي عكار والضنية. صنّف مجلس الإنماء والإعمار هذه المنطقة بأنها «متنزّه طبيعي وطني» فريد من نوعه بالمقارنة مع سبعة «متنزّهات طبيعية محلية» أخرى أُوصي بإنشائها ضمن «الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية.

وترى وزارة البيئة أن المتنزه الطبيعي في الشمال يمثّل أولوية قصوى بالنسبة إليها لكونها معنية كثيراً بسياسة ترتيب الأراضي. ويقع المتنزه في منطقة جبلية تحتضن أكبر امتداد غير منقطع لغطاء نباتي.
أربع ركائز تجعل من مشروع «المتنزه الطبيعي» فكرة قابلة للتطبيق، فمن الناحية القانونية يعتبر صدور مرسوم الخطة الشاملة لترتيب الأراضي بقرار عن مجلس الوزراء واحدة من الخطوات التي تعزز البعد القانوني للمتنزه. ومن المعلوم أن هذه الخطة خضعت منذ أعوام لاستشارات معمقة وخصص لها عشرات المؤتمرات وورش العمل، بعدما أنجزت من قبل ائتلاف استشاري ضم دار الهندسة (شاعر ومشاركوه)، ووكالة التنظيم المدني والإقليمي لمنطقة إيل دو فرانس (إيوريف).
كذلك يعدّ التصديق على مشروع القانون المتعلق بإنشاء محميّة القمّوعة التي تدخل ضمن نطاق المتنزه من الخطوات القانونية المهمة. وبحسب ما أفادت غريس رشيد من دائرة الأنظمة الأيكولوجية في وزارة البيئة، فإن «مشروع قانون إنشاء محمية القموعة قد أعيد من جانب مجلس الوزراء الى وزارة البيئة لتعديله ما يزيد على أربع مرات، بالتزامن مع التغييرات الحكومية، فيما لا يزال مشروع قانون انشاء محمية في جبل الريحان في أدراج مجلس النواب منذ فترة طويلة».
ومن المتوقع أن يرفع وزير البيئة محمد رحال، يوم غد الجمعة، الى مجلس الوزراء، مشروع قانون حول المحميات الطبيعية في لبنان يضمن آلية جديدة لتعريف جميع المحميات والحمى والمتنزهات الطبيعية وغيرها من الأراضي المحمية بموجب قوانين ومراسيم تخضع لسلطة الوصاية من قبل وزارة البيئة، ويتضمن القانون مواد تحدد حق المحميات وحق الشخصية المعنوية بالتملك والتصرف. كذلك سيرفع رحال 6 مراسيم تنظيمية لقانون حماية البيئة، ومشروع قانون جديد حول تلوث الهواء.
وبالعودة إلى المبادرات المرتبطة بمشروع «المتنزه الطبيعي الوطني الكبير في شمال لبنان»، تصنف جمعية «مدى» بأنها من أكثر الجمعيات التي تعمل على تمهيد الطريق لإنشاء المتنزه. وقد أطلقت الجمعية في عام 2006، مجموعة من الأنشطة في إطار منطقة نموذجية داخل المساحة الجغرافية التي يشملها المشروع وتبلغ مساحتها 220 كم2. كما وقعت بروتوكولات تعاون مع بلديات فنيدق وحرار ومشمش والقبيات بهدف توفير استمرارية هذه الأنشطة.
وتشمل المنطقة النموذجية مناطق واسعة في عكار والضنية بما في ذلك عكار العتيقة وعصيموت وفنيدق وحرار وجيرون ومشمش وقبعيت وقرن وقمامين. وتزخر هذه المنطقة بمجموعات مختلفة من النباتات حيث تم تحديد أكثر من 500 نبتة، إضافة الى أنواع عديدة من الغابات.
إلا أن المنطقة تواجه تحديات هامة ولا سيما تلك المرتبطة بالفقر وحالة الغموض التي تكتنف ملكية الأراضي، إلى جانب مخاطر التمدد العمراني على حساب المناطق الحرجية، وتزايد ظاهرة انشاء المقالع والكسارات وقطع الأشجار وإدارة الأراضي بطريقة غير ملائمة.
ويركز مدير جمعية مدى نديم زخيا على الشراكة مع البلديات ويعتبرها أساساً في رؤية الجمعية القائمة على «تعزيز العلاقة ما بين المجتمعات المحلية وبيئتها الطبيعية وذلك استجابة لحاجاتهم المعيشية». ولهذه الغاية شرعت «مدى» في تطوير إطار مشترك خاص بإدارة منطقة المتنزه الوطني يمتد لغاية عام 2010. ولضمان سير المشروع أنشأت هيئة توجيهية مؤلفة من رؤساء الاتحادات والبلديات المعنية، وهي اتحاد بلديات الجومة واتحاد بلديات جرد القيطع وبلدية القبيات.

مشروع قانون إنشاء محميّة القمّوعة أعيد إلى وزارة البيئة لتعديله
ومن الاستحقاقات الهامة امام المجالس البلدية المنتخبة الأسبوع الماضي، قدرتها على استكمال خطة إدارة الغابات ضمن المتنزه والتي تتضمن مكافحة الحرائق الحرجية وإنتاج الخشب والمحافظة على المناطق التي تكتسب أهمية إيكولوجية، وخصوصاً أن لجنة ألّفها الاتحاد قبل عامين أنجزت خطة تصور لاستعمال الأراضي، والمحافظة على المناظر الاستثنائية التي تميز المنطقة، وتشجيع اعتماد عمارة ذات نوعية جيدة وغير ضارة بالبيئة.
في لبنان حالياً ستة أنواع من أنظمة الحماية. مواقع محمية بموجب المرسوم الاشتراعي المتعلق بحماية المناظر والمواقع الطبيعية وهي: أرز بشري، موقع دير القلعة، غابة بولونيا، سنديان المروج، حرج بيروت، بحيرة اليمونة، الجسر الطبيعي في نبع اللبن، بالإضافة إلى آثار مدينة بعلبك. أما المواقع المحمية بموجب قوانين مقرّة من المجلس النيابي فهي: حرج إهدن، جزر النخل، أرز الشوف، شاطئ صور، بنتاعل، اليمونة، وأرز تنورين. فيما هناك عشرات المواقع محمية بموجب قرارات صادرة عن وزارة البيئة، ومن ضمنها مجاري الأنهار، وعدد كبير من الأحراج، وموقع في أعلى جبل المكمل وقمته «القرنة السوداء»، كرم شباط، وادي قاديشا، سهل القموعة، وادي القراقير، وبالوع بعقارة وغيرها. وجميع هذه المواقع لا تسلم من التعديات اليومية التي لا يمكن ردعها بحسب المعنيين إلا من خلال إنشاء نيابة عامة بيئية، التي يتوقع أن تبصر النور خلال العام الجاري أيضاً.