خضر حسانولِد في السابع من حزيران عام 1967، مع النكسة. إنسان عربي بدون هوية محدّدة، و«مش ناوي أتجنّس»، بحسب قوله. برغم ذلك، يدخل إلى كل البلدان بدون تأشيرة دخول ومن غير أن يخالف القوانين، إلاّ قوانين الخيانة والاستسلام. اسم حنظلة مشتقّ من نبتة الحنظل المعروفة باسم الصبّار أيضاً، وهذا دليل على تحمّله الظروف القاسية. هكذا، أراده فنان الكاريكاتير الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، حين ابتكر هذه الشخصية التي باتت واقعية أكثر من بعض الأشخاص الذين يحملون لحماً ودماً حقيقيين ويحظون بصفة بشرية. حنظلة ما زال موجوداً حتى اليوم، الشباب يتحدثون عنه، كأنه واحد منهم. منال زريق، من داخل قطاع غزة في فلسطين، تصف نفسها بأنها متمرّدة على الواقع «واقع غياب الوعي و التحرر على مستوى العقل و الروح والجسد» فالمصلحة الشخصية هي التي تحكم في هذا الزمن، لذلك ترى أن الواقع يستدعي عودة قوية لحنظلة لكنها تفضّل أن «يرتاح الآن». الأحزاب في داخل فلسطين والأنظمة العربية في الخارج «ستدوسه إذا ما وقف في وجهها». لا تخفي منال تفاؤلها أيضاً، فبرأيها «سيأتي يوم ينتصر فيه الحق والقضية، لأن هناك شباباً ما زالوا متمسكين برسوم ناجي العلي وبحنظلة». وتشدّد أيضاً على أهمية أن لا نعيش في أوهام الماضي والذكريات فقط، بل علينا العمل لتطوير واقعنا.
يؤكد «أبو إياد»، الناشط في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن حنظلة هو «الوحيد الذي ما زال يدافع بكل صدق عن فلسطين والشعوب المضطهَدة في العالم، لأنه لا يأبه لأية ضغوط يمكن أن تؤثر على الإنسان مهما كان ثورياً». ولا يتأخر أبو إياد عن متابعة وجهة نظره، فيشبّه حنظلة بتشي غيفارا: «حنظلة حمل ريشته وقاتل بها دون أن يخشى شيئاً، مثل غيفارا الذي قاتل حتى استشهد، واستمر رمزاً للثوريين لا يموت». حنظلة، برأيه، سيكمل طريق الثوريين «بعد استشهادهم»، ويُكمل طريق ناجي العلي بعدما استشهد اغتيالاً عام 1987. ويُبدي أبو إياد انزعاجه من الشباب الذين لا يرون في حنظلة سوى رسم ظريف دون النظر الى معنى الشخصية وما تمثله، وهذا يعود الى «واقع الاستهلاك الذي نعيشه، والذي يبعدنا عن فهم أبعاد ما نراه في حياتنا اليومية». هذا الواقع حوّل غيفارا والكوفية الفلسطينية أيضاً عند الكثير من الشباب إلى «موضة». أما بالنسبة إلى حسام حرشي، الناشط في أحد الأحزاب الإسلامية، فـ«حنظلة تعدّى الحدود والقضية الفلسطينية ليمثل كل العرب والمستضعفين، هو أمل العودة إلى فلسطين». يعتقد حرشي أن الشباب اليوم استطاع من خلال حنظلة أن يعبّر عن «الواقع السياسي العربي المتردّي». وينتقد حرشي تحول القضية الفلسطينية إلى «أغنية أو صورة معلّقة على الحائط»، معتبراً أن حنظلة يعني التمسّك بالقضية الفلسطينية برغم كل ما يدور حوله، «فهو الذي أدار ظهره برغم فقره وثيابه الممزقة للذين يتاجرون بالقضية على حساب الشعب المسكين، وسيبقى تعبيراً عن الشعب العربي الرافض لحكامه». أما أبو فادي، الذي عايش الثورة الفلسطينية، فهو من بين كثيرين «متمسكين بالقضية الفلسطينية ينتظرون حنظلة».
اختلف الزمن الآن. تبدّل الكثير من الشعارات التي طبعت مرحلة الثورة الفلسطينية، فيما لا يزال حنظلة حياً.