لم يخرج الاحتفال بيوم البيئة في لبنان عن رمزيته، التي لا تقدم ولا تؤخر في إحداث التغيير المطلوب، لكن الشراكة التي نجح وزير البيئة محمد رحال في نسجها مع الجهات المانحة تدفع إلى التفاؤل الحذر، في تحسين واقع البيئة في لبنان، لكي نوصي بها لأولادنا، كما نصحت حملة إعلانية أطلقتها وزارة البيئة أمس في نقابة الصحافة
بسام القنطار
نجحت شركة الإعلانات «أم أند سي ساتشي» في تقديم كليب إعلاني أنيق للترويج ليوم البيئة العالمي في نقابة الصحافة، أمس. هكذا وقف ممثل الشركة نزار الهندي ليطلق «وصية العاشق»، كما سمّاها. العاشق في الإعلان، رجل أعمال لبناني يجلس في بيته الفاخر وإلى جانبه زوجته وأولاده. يحمل العاشق وصيته ويقرأ بالعامية: «لمرتي الوقفت حدي العمر كلو، غابات الصنوبر وشلالات جزين وبحيرة القرعون، ولبنتي فرشات الربيع وزرقة البحر وحقول البرية، ولابني الأرز الشامخ وذهب السنابل وحساسين الضيع، نهر الباروك وجبال الصوان». لتخلص الحملة إلى شعار «فكر شو رح تترك لولادك وصيتك بيئتك».
بعدها اعتلى المنصة منير دويدي، المدير العام لشركة سوليدير التي مولت الحملة ليقول: «إن الشأن البيئي هو أحد العناوين الرئيسية لتطوير الوسط التجاري لبيروت عبر لحظ زيادة في المساحات الخضراء التي تشغل 50 بالمئة من الوسط التجاري»، دون أن يغفل «حل مشكلة مكب النورماندي، الأمر الذي وفر واجهة بحرية بطول 1500 متر، حيث أنشأت الشركة مساراً للدراجات الهوائية وحديقة على مساحة 70 ألف متر». لنتخيل دويدي يقرأ الوصية إلى أولاده في الكليب الإعلاني. بالتأكيد لقد ترك لهم أموراً أخرى غير المساحات الخضراء ومسار الدراجات وجبال الصوان؟
صورة الرجل الثري، العاشق لبيئة بلاده لا تشبه لبناني عام 2010
صورة الرجل الأنيق، الثري طبعاً، العاشق لبيئة بلاده التي قدمتها شركة ساتشي، لا تشبه لبناني عام 2010. إنها الصورة التي تجعل من يوم البيئة العالمي يوماً رمزياً، لتذكر البيئة، يوماً للشركات أكثر منه يوماً للبيئة والبيئيين! يوماً يتوهم فيه الناس أن هناك فعلاً من يهتم ببيئتهم، فيما يُستخدَم ويُوظَّف لتبييض الصفحات، وفي وقت تسجل فيه التقارير العلمية تراجعاً غير مسبوق لنوعية الحياة، ما يُهدِّد ديمومتها.
الاحتفال بيوم البيئة جاء بدعوة من وزارة البيئة وحضره الوزير محمد رحال، وزير الإعلام طارق متري، سفير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للنيات الحسنة الفنان راغب علامة، نقيب الصحافة محمد بعلبكي، المدير العام لوزارة البيئة بيرج هاتجيان، وممثلون عن عدد من الجمعيات الأهلية.
يسجل للوزير رحال حجم الشراكة التي استطاع نسجها مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لكون مستشاره إدغار شهاب هو مدير البيئة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومع عدد من الجهات المانحة، حيث قدمت الحكومة الإيطالية هبة بـ2.5 يورو لدعم مبادرات الوزارة، ويجري الإعداد لهبة تقارب 5 ملايين يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم الإصلاحات البيئية، إضافة إلى قنوات أخرى مع البنك الدولي ومرفق البيئة العالمي وغيرها من الجهات المانحة. وقد أعلن رحال تنظيم سلسلة أنشطة ضمن «أسبوع البيئة الوطني» يشمل جلسة خاصة لمجلس الوزراء تناقش الشأن البيئي وجلسة للجنة البيئة النيابية، ومبادرات أهلية وخاصة ترعاها الوزارة تتضمن على سبيل المثال: توزيع أكياس نايلون قابلة للتلف، وإطلاق مشروع لإعادة تدوير الهواتف النقالة، وتدشين مركز لإطفاء الحرائق في عكار، ومصنعاً صديقاً للبيئة في البقاع، وكتاباً عن «واقع البيئة في المحاكم اللبنانية»، ومحطة مؤقتة لفحص غاز مكيف السيارات. كذلك أعلن رحال استدراج عروض لتحديث تقرير واقع البيئة في لبنان الذي صدر عام ٢٠٠٢، وإعداد خطة لمكافحة تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون، وإعداد مخطط توجيهي لإعادة تأهيل المكبات العشوائية. بدوره دعا الوزير متري وسائل الإعلام إلى تغطية الشأن البيئي طوال العام، لا في الاحتفالات فقط، واقترح إقامة دورات تدريبية للإعلاميين، واصفاً الصحافة البيئية بأنها «كتابة في السياسة البعيدة عن النزاع على فتات السلطة». أما الفنان علامة، فأعلن أنه كمواطن وداعم للأمم المتحدة في مشروع تغير المناخ يقدم نفسه لأي نشاط يحافظ على البيئة.