إكرام شاعرتوقفي أيتها المزيِّنة. لن أطلي أظافري بالأحمر الفاقع بعد اليوم. إنه اللون المفضّل لدى مومسات السياسة. لا أريد أن تشبه أصابعي براثن الحرب أو صور انفجار تنقله إحدى المحطات على التلفاز. خلال ذلك النقل المباشر، تنتشل العدسات، مع صور الأشلاء، آخر بتلات الحلم الوردي الوحدوي الساذج وهي تتفتّت، بينما يقوم المعنيون بمسح شامل للأضرار والخسائر، كما يكشط اللحام في المساء الدم عن أرضية دكانه. وبعد تلك الانفجارات الموسمية، يرفع هؤلاء المعنيون تقريراً مفصّلاً إلى شركة التأمين، الأمم المتحدة التي إن لم تغرّم الضحايا على جرم أنهم كانوا هناك في تلك اللحظة المشؤومة التي لم تكن في الحسبان، تقرّر، بلفتة حنونة، أن تعوّض عن الضرر النفسي لأهاليهم، بأن ترسل إليهم بطاقات دعوة إلى مؤتمرات السلام العالمي وتدعوهم إلى التسامح الذي به وحده تلتئم الجراح. في تلك المؤتمرات، تصدر المنظمة أحكام العفو «بالكيلو»، قبل أن تضع مكان الشواهد على قبور الضحايا إعلانات ضخمة لمشروب كوكاكولا: إنها مراسم الدفن في زمن العولمة !
على الشاشات، الكلام ذاته، يُجتَرّ ويجتَرّ! مرة تلو مرة. إلّا أن نشرة الأخبار تظل ضرورية للطالب في كلية الحقوق. مغشوش جداً من يظن أن السيناريو يتغيّر. هي مجرد خدع بصرية تجدد ولاية الوهم غصباً عن الضجر والملل وعن الضوء الذي سيستسلم غداً أو بعد غد، ولن يبقى على صموده في عيوننا. إن السياسة عندنا لغة أموات، لا يستخدمونها إلا في المسرح الروماني، حيث يطعن بروتوس القيصر.