سمير يوسفيبدو أنّ الدولة اللبنانية الكريمة التي تعبق سماؤها مرّة بسبب اشتعالها الداخلي، ومرّة بسبب الغرام الأهليّ المتزايد، أو ارتفاع دخلها الفرديّ وعواقبه النفسيّة، قد ضاقت ذرعاً بدخانكِ وطرحت إمكان منعكِ في الأماكن العامّة. بصراحة، وعلى الرغم من أنّ الموضوع يا قاتلتي يبدو لي صحيحاً بالمطلق، فإنّني لستُ أدري إن كنتِ فعلاً ممن وَجبَ وضع حدّ لهم وكأنكِ الآفة الأولى في هذا البلد.
عزيزتي، أخبرني أحد المتابعين في هذا الموضوع، أنّ من شأن مشروع كهذا أن يساعد على التخفيف من التدخين، وبالتالي ستكون له إيجابيات تظهر لاحقاً على المدى الطويل. لكن بدا لي من حديثه أنه صاحب بال طويل، لم يبتلع أيّ حبوب (ليكزوتانيل) ككثير من اللبنانيين، الذين انهاروا وينهارون جرّاء الأزمات المتتالية.
قد يبدو من المعقول القول إنّ المراهق الذي يدخّن في عمر
الـ 14 سيبدأ بالتعاطي في عمر الـ20. لكن لا أرى منفعة من منع التدخين في الأماكن العامة، إضافةً إلى موضوع كيفيّة تطبيق هذا القانون إذا ما شُرّع. من سيمنع التدخين؟ قوى الأمن؟ هذا ضرب من الجنون. أعرف أحد عناصر قوى الأمن المشتركة. أخبرني أنّ رفيقه يدخّن حتى في وقت الدوريّة داخل الآليّة. حتّى إنّ الملازم طلب مرةً منه أن لا يدخن وهو بجانبه خلف المقود فأجابه الأخير «سيدنا، ما تجنّني!» .
التدخين المتكاثف هو نتيجة فساد اجتماعي قائم، وبناءً على ذلك على العلاج أن يكون أكثر عمقاً وجذريّاً. انظروا إلى تلكَ المقاهي «الملفوفة بالنايلون» في جونية وبيروت، صالونات لضباب النرجيلة وللعاطلين من التفكير، هذا أيضاً جزء من سياحتنا المحمومة التي نغار عليها. اضبطوا بيع التبغ لمن هم تحت السن، أوقفوا التهريب، ارفعوا سعر علبة السجائر، قوموا بحملات إعلامية توضح الضرر الطبيّ، حاسبوا من وجبت محاسبته، انشروا الشائعة التي تقول: «ثبت طبّياً إنو كل واحد بيدخنّ رح يصير حمار!»، لكن لا تمنعوني عن التلذّذ بها.
فأنتِ غجريّتي وحبيبتي، وأنا، بوصفي «حماراً» سأودّعك بكلمات أغنية بريجيت فونتان: «أدخن، بعكس كل الآراء. أدخن، من دون هدنة و لا كلل. أدخن، لأنّي أحب الحياة».