محاولة جديدة يقوم بها ناشطون من مختلف المشارب من أجل كسر الحصار الإسرائيلي على غزة، وسط مخاوف من أن يكون الاختبار المقبل أكثر دموية بعد المحاولة التركية التي خضّبت بالدم، في ظل التعنّت الإسرائيلي
طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
هل يكون مصير باخرة «ناجي العلي»، التي يجهّزها تجمّع «صحافيون بلا قيود» وناشطون لبنانيون وعرب وأجانب، للإبحار من مرفأ طرابلس قريباً لكسر حصار قطاع غزة، مشابهاً لمصير الباخرة «تالي»، التي أبحرت من المرفأ ذاته قبل أكثر من سنة، وما زالت محتجزة لدى الإسرائيليين؟ فلقد اكتفى العدو بالإفراج عن ركاب «تالي»، التي توجّهت إلى غزة عبر محطة وسيطة هي قبرص، وكان من بينهم مطران القدس هيلاريون كبوجي. يبدو أن السؤال مطروح على نطاق واسع في مرفأ طرابلس ووزارة الأشغال العامة والنقل، وخصوصاً بعد تعرّض «أسطول الحرية» التركي المتوجّه إلى غزة، لاعتداء إسرائيلي مسلح قتل بنتيجته 9 أتراك وجرح آخرون، ما أثار قلقاً جدياً من أن يقوم الإسرائيليون برد فعل مماثل ضد الناشطين اللبنانيين، وهو أمر له حسابات مختلفة.
وقد تركت تصريحات الوزير غازي العريضي يوم أمس بأن «الترخيص بالسفر سيكون وفق القوانين وفي اتجاه أي مرفأ باستثناء غزة، وبعد استيفاء الشروط سيكون على عاتق المسؤولين في المرافئ الأخرى تحديد وجهة سفر الباخرة التي ستنطلق من لبنان»، الكثير من التساؤلات عن «مصير» إبحار باخرتي «ناجي العلي» و«مريم». فقد كشفت الناشطة سمر الحاج التي تعدّ لسفر الباخرة «مريم»، أن هناك توجهاً لتقديم طلب رسمي للحكومة اليوم. أضافت: «يجب على الحكومة أن توافق لأن القرار هو قرار الحكومة مجتمعة برئاسة سعد الحريري ابن الشهيد رفيق الحريري الذي يؤمن بفلسطين حرة». وماذا إذا اتخذت موقفاً معاكساً؟ تجيب الحاج: «معناها أن من يقرر هو (وزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخل) موراتينوس الذي صرّح بذلك من عند (قائد القوات سمير) جعجع، لا الحكومة، ونحن نشك في ذلك لأن الحكومة سيدة نفسها». أما الوجهة التي سيتقدّم فريق «مريم» بالطلب على أساسها إلى الوزارة المعنية، فهي «العريش أو اليونان أو قبرص».
وكانت مصادر على صلة بالملف قد كشفت نهاية الأسبوع عن أن تجمّع «صحافيون بلا قيود» قد توصّل إلى الاتفاق مع مالك الباخرة «جوليا»، وهو سوري يدعى حسني أمون، لشراء باخرته التي ستحمل اسم «ناجي العلي»، بعدما دفعوا الرسوم المستحقة عليها، والتي بلغت مئة وألف دولار أميركي.
مصادر مسؤولة في مرفأ طرابلس، رفضت ذكر اسمها، أوضحت لـ«الأخبار» أن الباخرة جوليا «دخلت أمس المرفأ، وهي كانت تنقل من تركيا زجاجاً لتاجر لبناني، إلا أن الأخير رفض تسلم بضاعته التي تعرّض 90% منها للتكسير، ما أدّى إلى نزاع قضائي بينه وبين صاحب الباخرة، وقد تبيّن للخبراء أن ربط الزجاج وتوضيبه تم بطريقة خاطئة، فحُجز على الباخرة إلى حين سداد الرسوم المستحقة عليها». ولفتت المصادر إلى أنه «يوم الجمعة الماضي رفع الحجز القضائي عن الباخرة، بعدما سُدّدت الرسوم والمتأخرات المستحقة عليها».
وأشارت المصادر إلى أن «جوليا» كانت متوقفة خارج حوض المرفأ على بعد نحو ميل بحري، وأن «نجل صاحبها أتى من مدينة طرطوس أول من أمس للكشف عليها وتعبئة خزانها بالوقود».
تؤكد مصادر مرفأ طرابلس أن «باخرة «جوليا» «مخصّصة لنقل البضائع لا الركاب، وهي لا تتسع إلا لطاقمها»، فيما أوضحت أوساط المنظمين الذين يتكتّمون على أسماء الركاب، أنهم «سيغادرون المرفأ في غضون أيام بمرافقة باخرة «مريم»، وأنهم سيتوجّهون قبل غزة إلى قبرص أو اليونان».
لكن مصادر مرفأ طرابلس ذكّرت بأن «دخول أي باخرة إلى المرفأ أو مغادرتها له، تخضع لموافقة رئاسة المرفأ، إدارته، والغرفة البحرية المشتركة»، مؤكدة أنها «لا تعارض توجه أو عمل أي باخرة في المرفأ، لكن ضمن القوانين المرعية الإجراء، ومنها عدم التوجه مباشرة إلى غزة. فليقدموا إلينا طلباً وليقولوا إلى أين يريدون التوجّه، ومن على متنها، وحمولتها، ومدى مراعاتها شروط السلامة العامة، وبعدها لا مانع أبداً من إعطائها التسهيلات المطلوبة».
وكرّرت المصادر موقف وزير الأشغال العامة والنقل لجهة «التزامنا القضايا الوطنية ومنها قضية فلسطين»، لكنها أكدت أن «الأمر لا يجري بطريقة فوضوية. الباخرة ليست بوسطة ركاب، والمرفأ ليس كاراج سيارات، والقضية ليست لعبة خاضعة للمزايدات ولا للتشويق الإعلامي».