طرابلس ـ عبد الكافي الصمد، وكالات حمّل لبنان إسرائيل «مسؤولية أي عدوان على لبنان» على خلفيّة استعداد باخرتي «ناجي العلي» و«مريم» للتوجّه إلى مرفأ غزّة. وردّ لبنان، بحسب بيان وزارة الخارجيّة، على رسالة مندوبة البعثة الإسرائيلية الدائمة لدى الأمم المتحدة الى الأمين العام للأمم المتحدة، برسالة موجهة الى بان كي مون، دان فيها حصار غزة.
أضاف البيان إن «القوانين اللبنانية لا تسمح بمنع أي مركب بحري من مغادرة موانئه إذا كانت محتوياته والأشخاص الذين على متنه والوجهة التي يقصدها تقع ضمن نطاق القوانين اللبنانية وتحترم الإجراءات التي تفرضها». وأشار الى أن هذه القوانين «لا تسمح بانتقال السفن مباشرة الى الموانئ الخاضعة للسلطات الإسرائيلية بما فيها مرفأ غزة».
في الأثناء، بقي موعد إبحار باخرة «ناجي العلي» (جوليا) من مرفأ طرابلس إلى قطاع غزة غير معروف، فقد فضّل ناشطو منظمة «صحافيون بلا قيود» و«حركة فلسطين حرة» الذين يشرفون على الحملة إبقاءه طيّ الكتمان.
لكن هذا التكتّم لم يحجبه سوى الغموض الذي يلفّ مصير الباخرة الأخرى «مريم»، بعدما رفض الناشطون في الحملة التحدث عنها (بعضهم كشف أنها ستدخل المياه الإقليمية اللبنانية في غضون ساعات)، برغم تأكيداتهم أنهم سيغادرون لبنان في سفينيتن قبل توقفهم في محطة لم تحدد بعد وهم في طريقهم نحو غزة. وأكدت مصادر مطّلعة في مرفأ طرابلس لـ«الأخبار» طلبت عدم ذكر اسمها، عندما نفت «وجود سفينة تحمل هذا الاسم في المرفأ، أو حتى قريبة منه، كما لم نتسلّم أي طلب دخول لسفينة بهذا الاسم إلى المرفأ حتى الآن».
وفي ما يخصّ «ناجي العلي»، أشارت المصادر إلى أن «الناشطين لم يحمّلوها بعد، وأن التفتيش البحري أجرى فحصاً شاملاً لها، ورفع نسختين من تقريره عنها: الأولى إلى وزارة النقل، والثانية إلى قبطانها السابق الذي سيبحر بدلاً منه قبطان جديد لم يعيّن بعد». وإذ لفتت المصادر إلى أنها لا تتعاطى مع الناشطين بل مع الوكيل البحري للباخرة ربيع صالح، كشفت أنهم اتخذوا «الاحتياطات اللازمة فطلبنا من قيادة القوات البحرية وعناصر الجيش اللبناني الموجودين في المرفأ مراقبة الباخرة وإقامة حراسة مشددة حولها».
غير أن احتمال مواجهة الباخرة صعاباً أمر لا ينكره المشرفون على الرحلة، بعدما أعلن المتحدث باسم الشرطة القبرصية ميخاليس كاتسونوتوس أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الشرطة اتصلت، بعد تبلغها بخبر توجه السفينة جوليا الى غزة عبر قبرص (...) بوزارة الخارجية التي أكدت أن قرار الجمهورية القبرصية منع توجه سفن من قبرص الى غزة لا يزال قائماً». وأضاف إن الشرطة «ستتصرف على هذا الأساس».

موعد إبحار “ناجي العلي” و“مريم” يكتنفه الغموض
وقد اتخذت السلطات القبرصية هذا القرار في 28 أيار الماضي «احتراماً للقوانين الدولية وبهدف الدفاع عن مصالح جمهورية قبرص الحيوية». وفي تطور لافت، حمّل لبنان في رسالة الى الأمم المتحدة، أمس، اسرائيل مسؤولية «أي عدوان» عليه، وذلك رداً على تأكيد الدولة العبرية أنها ستستخدم «الوسائل كلها» لمنع وصول سفن لبنانية الى قطاع غزة.
وكرر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الاثنين في الأمم المتحدة إن إسرائيل لن تسمح بأن تحاول سفينة جديدة آتية من لبنان كسر الحصار المفروض على غزة، وهي تحمّل بيروت مسؤولية النتائج.
لكن المشرفين على الحملة أعدّوا بدائل مفترضة في اليونان أو حتى في ميناء العريش، ورأوا أن إسرائيل تروّج أن بواخر المساعدات اللبنانية من تنظيم حزب الله، «لإشاعة جو دولي ضاغط على الحكومة لمنعنا من الإبحار، والثاني تبريرهم استباحة دمنا». كما يتكتم المنظّمون على موعد إبحارهم «لأن الإسرائيليين استطاعوا تعطيل ثلاث سفن من أسطول الحرية التركي قبل إبحاره من اليونان إلى غزة».
ولمنع الحرج الذي وقعت فيه الحكومة اللبنانية، أكد المشرفون «لن نبحر مباشرة نحو غزة، كما لن نبحر من لبنان إلا بعد استيفائنا شروط الملاحة اللبنانية والدولية، وتأمين متطلبات الأمان». في السياق ذاته، ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم، المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية عرضت في مداولات داخلية في ديوان رئيس الوزراء سيناريو يتضمن إمكان وجود «انتحاري» على متن سفينة «مريم» يستهدف عناصر البحرية الاسرائيلية، بهدف تنفيذ عملية تفجيرية تلقى صدى إعلامياً واسعاً.
و لفتت الصحيفة الى أن عملية التصدي لقافلة السفن الاتية بدأت عملياً بشكل رسمي، وأنه تم رفض اقتراح وزارة الخارجية الاسرائيلية التعامل مع السفن المقبلة عبر قوات خاصة من الشرطة، لا من الجيش، انطلاقاً من كون هذه العملية عسكرية.
وأصدر تجمّع «صحافيّون بلا قيود» بياناً أكد فيه أن «ليس في نية أحد من المنظمين استجلاب أي عمل عدائي ضد لبنان وشعبه، وننطلق من أنه آن الأوان لتحرك عربي يقف إلى جانب الشعب الأعزل في فلسطين المحتلة».
محلياً، يقيم ناشطون يونانيون ولبنانيون حفل هيب هوب في ملهى «كلاود 9» في الجميزة يعود ريعه لاستئجار سفينة للمشاركة في انتفاضة السفن ستحييه 8 فرق لبنانية.