عمر نشّابةتغيّر كلّ شيء. فمنذ ساعات الفجر الأولى حضرت حافلات ضخمة إلى منطقة العدلية لنقل مئات المحتجزين تحت الأرض في نظارة الأمن العام إلى مكان آخر فوق سطح الأرض حيث تحفظ كرامتهم الإنسانية. ووصلت حاويات القُمامة إلى بعض المخافر والمراكز الأمنية والعسكرية لنقل جنازير وقطع من الحديد والخشب تستخدم خلال التحقيق مع الموقوفين.
تغيّر كلّ شيء، فتحوّل سجن رومية منذ الفجر إلى مدرسة لإصلاح السلوك الجنائي وتغييره. خُفض عدد السجناء ليلاقي نسبة الاستيعاب، وشيدت المصانع والملاعب الرياضية وقاعات التعليم. وأُغلقت الزنازين الانفرادية ونزل الشاويش عن عرشه ليتساوى بالحقوق والواجبات مع سائر السجناء.
تغيّر كلّ شيء. انهمكت النيابات العامة، منذ صباح اليوم، بإصدار قرارات قضائية بإخلاء سبيل كلّ من انتهت أحكامهم وبقوا قابعين في السجون والنظارات. وبُتّت آلاف القضايا العالقة بسرعة قياسية وبعدل وإنصاف.
تغيّر كلّ شيء، فعاد «الفرّوج» ليكون وجبة طعام لا يتألم الناس منها، بل يسدّون جوعهم بها. وصوّرت المباحث الجنائية بالتعاون مع فرع المعلومات شريطاً وثائقياً عن ممارسات الـ«بالانكو» المتخلّفة، محذّرة من مساوئ استخدامها.
تغيّر كلّ شيء. مديرية الاستخبارات في الجيش قرّرت إغلاق جميع مراكز التوقيف التابعة لها، وأحالت فوراً جميع الموقوفين على المحاكم. وزار ضباط المديرية العامة لأمن الدولة مدارس المدينة لتعريف الطلاب بحقوق الإنسان. أما مفتشو الأمن العام، فقدّموا محاضرات جامعية شرحوا فيها مساوئ العنصرية على مكانة الجمهورية وسمعتها.
تغيّر كلّ شيء، فارتسمت على وجه الشرطي ابتسامة، وتواضع الضباط وعادوا إلى صفوف المواطنين العاديين يشاركونهم أفراحهم وأحزانهم ويساعدونهم على معالجة مشاكلهم.
تغيّر كلّ شيء، فباتت حقوق الناس أولوية الحكومة ومجلس النواب والمؤسسات الأمنية والعسكرية و...
فجأة، سُمع صوت مزعج: «قوم. قوم عالشغل! صارت الساعة 8!».