صور ــ آمال خليللم تكن حالة الطلاق التي أشعلت شرارة المعركة الانتخابية في بلدة الرمادية بين قريبين من عائلة واحدة، حادثة فردية على هامش الانتخابات البلدية الأخيرة. كثيرون في البلدة، وقرى الجوار في قضاء صور لجأوا إلى «أبغض الحلال»، إمّا لتسوية أوضاعهم قبل الانتخابات، أو كردّ فعل على نتائجها.
ففي إحدى القرى، لم يتورّع أحد المرشحين عن تطليق زوجته بسبب ترشّح والدها للمنصب الاختياري ذاته الذي ترشّح هو عنه. ذلك أنّ المادة 11 من قانون الانتخابات البلدية والاختيارية تمنع على الشخص أن يكون مرشحاً لمنصب واحد مع أحد من الآباء أو الأبناء أو الإخوة أو المصاهرين أو الأحماء. وبناءً عليه، فضّل الرجل المخترة على زوجته وأولاده، علماً بأنه لاحقاً خسر الاثنين معاً.
وفي الإطار ذاته، تدافع أشخاص عديدون إلى المحاكم الشرعية في صور، لتثبيت عقود طلاقهم في الدوائر الرسمية قبل إقفال باب انسحاب المرشحين، وقبل 48 ساعة من موعد الانتخابات.
لكن اللافت استمرار تسجيل بعض حالات الطلاق، تدريجيّاً بعد الانتخابات، على خلفية الخلافات العائلية التي حوّلت الكثيرين إلى «الإخوة الأعداء». وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على انتهاء العملية الانتخابية، لا تزال نتائجها تشهد تداعيات اجتماعية في البلدات، سواء من خلال اعتداءات مجهولة يتعرّض لها البعض، أو مقاطعة بعض الأهالي لبعضهم الآخر داخل القرية.
في الرمادية، التي استعرت فيها المواجهات داخل عائلة البرجي، بعد انتقال رئاسة البلدية من «جبّها» الأول إلى الثاني، يأمل الأهالي ألّا تتكرر حالات الطلاق على خلفية الانتخابات، وألّا يتكرر إلقاء القنابل الصوتية التي عُثر على ستّ منها بجانب منازل بعض الأفرقاء. أمّا السابعة والأخيرة، فقد كانت عبوة ناسفة غير معدّة للتفجير.
في ساحة البلدة، التي يحدّها مبنى البلدية من إحدى جهاتها، تزدحم صور رئيس البلدية السابق، الذي خسر في الانتخابات لمصلحة قريب له. ترفض إحدى مناصراته نزع الصور، فيما تجلس في زاوية من الساحة العامة لإنجاز أعمالها الخاصة، غير آبهة بالتهديدات التي وصلتها من الفريق الآخر «للكفّ عن استفزاز المجلس البلدي المنتخب». تقرّ السيدة بأنّ «الكراهية والعداوة لن تنزعا من نفوس الناس إثر الانشطار ضمن كل عائلة إبّان الانتخابات الأخيرة، لدرجة مقاطعة بعض الأفرقاء أفراح بعضهم وأتراحهم».
جاراتها المعاديات للبلدية المنتخبة، بوصفها «غير شرعية وفائزة بالمال السياسي»، يحسمن قطع العلاقات مع أقاربهن وأنسبائهن وجيرانهن، الذين اصطفّوا في المقلب الآخر «إلى حين الدورة المقبلة بعد ست سنوات، واستعادتنا لرئاسة البلدية». لكنّهن يستدركن بأنّ «بضع سنوات ليست كفيلة بأن تهدّئ النفوس»، في إشارة إلى أنّ الخلافات الأخيرة تعود جذورها إلى الانتخابات الاختيارية في عام 1963.
أما في البرغلية، فقد انسحبت نتائج الانتخابات التي فرزت البلدة إلى موالاة ومعارضة، على إحدى دورات التدريب المهني التي تنظّمها جمعية أهلية في مقرّ البلدية منذ ما قبل الانتخابات. وفيما اكتمل عدد المشاركات في الصف في جوّ من الوئام والانسجام قبل الانتخابات، تقلّص الحضور إلى النصف بعدها، بسبب مقاطعة المؤيّدين لأحد الفريقين الالتحاق بالدورة مجدّداً «لأنها تقام على أرض عدوّة». وقد طلب عدد من الأهالي من فريق عمل الجمعية تأجيل تنظيم أنشطة جديدة «ريثما تهدأ النفوس، ومنعاً للإحراج».
في بلدة مجاورة، تؤكّد أمّ توفيق أنها تقاطع إحدى العائلات «لتلاعبها بنتائج انتخابات المخترة قبل 47 عاماً، وإسقاطها زوجها لمصلحة واحد منها». العداوة التي أورثتها لأولادها، عزّزتها الانتخابات الأخيرة، التي عادت وكرّست العداوة بين الطرفين لدى تواجههما مجدّداً في الانتخابات.
هذه الخلافات تذكّر بكلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، التي ألقاها في 21 أيار الفائت، وأشار فيها إلى محاولة الحزب عام 1982 تعيين مسؤول داخل بلدة، إلّا أنّه لم يُفلح في ذلك بسبب خلاف بين عائلتين عمره أكثر من عشرين عاماً، على خلفيّة انتخابات بلدية.