منهال الأمينإذا كان التوجيه المهني يشغل المعنيين بقطاع التربية والتعليم في لبنان، فهو يحضر في القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني أكثر منه على مستوى السياسات الحكومية التي لا تزال جامدة بل ضعيفة في هذا المجال. والدولة التي احتاجت إلى عشرات السنين لوضع مناهج تعليمية جديدة في عام 1997، لم تقدم حتى الآن على تقويم هذه التجربة ومدى المواءمة بين المناهج ومتطلبات سوق العمل. هذه خلاصة مداخلات المشاركين، ومعظمهم من أصحاب الاختصاص، في «المؤتمر التوجيهي الأول» الذي نظّمه المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي، بعنوان «التوجيه المهني بين سوق العمل والتخصص الجامعي في لبنان»، وذلك برعاية وزير الدولة للتنمية الإدارية محمد فنيش، في فندق السفير بالروشة. وبرزت دعوات إلى «التوسع في مفهوم سوق العمل، وعدم حصره في السوق المحلي. من هنا أهمية التعريف بالاختصاصات والمهن المتوافرة في السوق الخارجي»، مثلما خلص الدكتور كمال بكداش، أستاذ علم النفس في الجامعة اللبنانية. كذلك تحدث الدكتور طلال عتريسي، أستاذ علم الاجتماع في معهد العلوم الاجتماعية ـــــ الفرع الأول عن «التعليم العالي بين القِيَمي والوظيفي»، فرأى أنّ الجامعة أمام معضلة «التوفيق بين دورين متناقضين: الأول، في التكيّف مع السوق، وهو يعني الخضوع لإملاءات قوى سياسية واقتصادية، أي لاعبين غير تربويين. والآخر، دورها في إنتاج المعرفة». ثم عرض كمال لزيق لتجربة المركز الإسلامي في مجال التوجيه المهني والإرشاد التربوي. وأوضحت الدكتورة ليلى مليحة فياض، رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء، أنّ خطة النهوض التربوي أخذت في الاعتبار التوجيه المهني كضرورة، وقد تضمنت المناهج التربوية

قدرة السوق المغترب تساوي 4 أضعاف السوق المحلي
التوجيه في أكثر من عنوان ومادة. لكنّ هم التوجيه وفق رؤية وزارة التربية يتوزع على ثلاث جهات: المركز التربوي للبحوث والإنماء، مديرية الإرشاد والتوجيه، ومديرية التعليم الثانوي.
من جهته، أكد النائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين أنّ التساؤل عن «أي متخرّج نريد، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرتنا إلى أي اقتصاد نريد». ولفت إلى أن «مشكلة النمو وتوفير فرص العمل في لبنان حادة»، وخصوصاً أنّ «تقرير البنك الدولي يشير إلى أنه فيما نمت القوة العاملة بمعدل 3% سنوياً في العقد الماضي، نمت العمالة بنسبة 0.04%، واستُحدث نحو 1900 وظيفة فقط خلال هذه الفترة، فزادت البطالة بمعدل 8.9% عام 2007».
أما الخبير الاقتصادي الدكتور كمال حمدان فشدد على ضرورة النظر إلى سوق العمل اللبناني على أنه سوق في سوقين، مقيم ومغترب، مشيراً إلى أنّ قدرة الأخير الدَخْلية تساوي 4 أضعاف السوق المحلي، وهذا بحد ذاته خلل، تضاف إليه الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب. ودعا إلى الاعتماد على قطاعات اقتصادية ذات قيمة مضافة. «فحلقة الصناعة لها أهمية كبيرة على صعيد الأيدي العاملة، وكذلك يجب أن يتركز الطلب على قطاعي التكنولوجيا والاتصالات، وإعطاء ثقل أكبر للعلوم، والتركيز على اللغات، وفي طليعتها اللغة العربية»، لأن «المرونة في الرد على احتياجات متعددة تجعل رب العمل أكثر انجذاباً إلى طالب وظيفة ما».