القاهرة ــ نائل الطوخيالفاشية تضحك أحياناً. فعلى مدار العام الماضي شُغلت إسرائيل بمحاولة إمرار قانون باسم قانون «يوم النكبة». القانون الذي اقترحه عضو الكنيست ألكس ميلر (عن الحزب اليميني إسرائيل بيتنا) ذو طابع هستيري. هذا أقل ما يوصف به. فهو يمنع الإشارة إلى يوم 15 أيّار (يوم الاستقلال في المفهوم الإسرائيلي)، كيوم للحداد أو للحزن، ويتوجه بالطبع إلى الفلسطينيين المقيمين داخل أراضي الـ48، هادفاً إلى منعهم من إجراء طقوس يوم النكبة.
مرّ القانون بالتصويت الأول في الكنيست منذ أسابيع، بعد أن لُطّف. وبمقتضاه، صحيح أنه لن تكون هناك شبهة جنائية في الإشارة إلى 15 أيّار كيوم للحداد، ولكنها ستكون مدانة مع هذا، وسيمكن خزانة الدولة منع الميزانية عن المؤسسات التي تموّل نشاطات تشكّك في «الطابع اليهودي والديموقراطي للدولة». ومن بين الأفعال التي يجرّم عليها القانون «الملطّف» أي إفساد أو احتقار لعلم الدولة ولرموزها. بينما كان نصّ اقتراح القانون كما قُدّم في مايو من العام الماضي كالآتي: «المنع القانوني للأعمال التي تتضمن الإشارة إلى يوم الاستقلال أو قيام الدولة كيوم حداد، وتوقيع عقاب صارم على هؤلاء الذين يستغلون الطابع الديموقراطي والمستنير لدولة إسرائيل، من أجل تقويضها من الداخل».
ألكس ميلر، صاحب الاقتراح الأصلي للقانون، بدا راضياً وهو يتحدث عن قانونه لصحيفة هآرتس. من كلامه نفهم شيئاً عن الهستيريا التي تجتاح إسرائيل «الديموقراطية والمستنيرة»! يقول: «هذه خطوة أولى لإيقاف عملية التحريض المنظمة التي تقوم بها الحركة الإسلامية ولجنة المتابعة بين العرب في البلاد.» وأضاف: «أي دولة ديموقراطية متقدمة لها الحق في الدفاع عن نفسها، وهذا بالتحديد ما اختارت فعله حكومة إسرائيل».
أما تسيبي ليفني رئيسة المعارضة، فقد نقل عنها موقع «نعناع» معارضتها للقانون، ولكن بما لا ينفي عنها تهمة العنصرية ضد عرب الـ48. قالت: «التطلعات القومية لأحد الشعوب لا تتحقق في دولة الشعب الآخر، وإسرائيل ظلت دولة يهودية ذات حدود واضحة ونحن نحافظ على أنفسنا وعلى صبغتنا كيهود. هذا حل. وهذا بديل من تقديم اقتراحات لقانون لا يحل أي شيء، لن يجعل غير المتعاطفين مع الدولة متعاطفين معها، ولكن فقط سيوقظ ويفاقم المشاعر القومية القائمة». رؤساء الأحزاب العربية في إسرائيل كان لديهم الكثير ليقولوه عن القانون. قال رئيس حزب بلد، جمال زحالقة، إن «الحديث هو عن قانون مجنون لحكومة مجنونة». لكنّ إسرائيل مضت فيه.
ومن المفارقات أنه في يوم تصديق لجنة الوزراء قانون يوم النكبة، فإن اللجنة نفسها قد صدّقت على قانون شخصي من عضو الكنيست زفولون أورليف، يمنع التحريض على وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية.
كتب أورليف شارحاً: «قضية عزمي بشارة تعلمنا أن التصريحات قد تتحول سريعاً جداً إلى أفعال. تصريحاته التي لم تنته ضد هوية إسرائيل كدولة يهودية تطورت سريعاً إلى زيارات لبلدان معادية مثل سوريا ولبنان، برغم منع زيارة الدول المعادية، بل وثمة شبهات في تقديم معلومات للعدو ومساعدته خلال حرب لبنان الثانية. على صبغة دولة إسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية أن تستمر، وألا يُنكرها أيّ شخص». في يوم النكبة، علينا أن نتذكر، هكذا يفكّرون.