روى سد شبروح والمضيق ظمأً مزمناً في منطقة كسروان وبعض المتن، بإرساله 60 ألف متر مكعب من المياه يومياً إلى المنطقة. مشكلة أخرى تلوح في الأفق: عدم قدرة شركة المياه في جبل لبنان وبيروت على مراقبة نحو ألفي موظف في المصلحة. فهل من حل؟
ريتا بولس شهوان
على أبواب الصيف، يبدأ قلق أهل كسروان حيال مياهم. لكنّ ثمة جديداً هذا العام: الانتهاء من العمل في مشروع سد شبروح وسد المضيق، ما من شأنه حل مشكلة مصادر المياه في منطقة كسروان، دون أختها جبيل. «سد شبروح حل المشكلة»، يقول جيلبر سلامة الذي عانى، مثل العديد من أبناء هذه المنطقة في سنوات الحرب وما بعدها، تقنين المياه صيفاً وشتاءً. كان عدم تنظيم توزيع المياه على الضيع والساحل، وحصر موارد المياه في كسروان ومصادرها بنبعي العسل واللبن، سببين لمشكلة تتفاقم على أبواب فصل الصيف. كيف يمكن نبعين تلبية أكثر من 40 ضيعة كسروانية؟ هكذا نشأت خلافات على المياه، بين بعض سكان البناية الواحدة، الحي الواحد، والضيعة الواحدة في كسروان خصوصاً، عندما تصل مياه «الدولة» إلى خزان البناية الأرضي، من القسطل العام الموجود تحت أرض الشارع، إلى منزل هذه دون أخرى.
سياسة تقنين المياه المعتمدة آنذاك، بسبب قلّة مصادر المياه، وشبكات المياه، قديمة لدرجة أنّها لا تتحمل الضغط العالي، وبالتالي لا تصل إلى الطبقات المرتفعة دون مساعدة آلة الضخ الكهربائية، ما جعل توزيع المياه غير متوازن بين سكان البناية الواحدة. زادت النقمة على الدولة. وارتفعت وتيرة الشكوى. فكيف يمكن منطقة ككسروان، غنية بالينابيع والمياه الجوفية والسطحية، أن تعيش أزمة مياه؟ في صربا والزوق مثلاً استفاد موزعو المياه الخاصة من سوق العمل هذا، حتى ابتاع أحد تجار المياه 4 صهاريج لتوزيع المياه، مستفيداً من استخفاف الدولة بمصالحها وحاجة المواطنين وقبولهم بالحلول البديلة.
لم تكن مصادر المياه العقدة الوحيدة يومها، فهناك مشكلة أخرى، هي أن عدداً من السكان يرفضون الاكتفاء بنسب المياه الممنوحة لهم، التي تحددها مصلحة المياه عند شراء صاحب الملك عيار المياه، فيدفعون لأحد موظفي مصلحة المياه «براني» لاستبدال «عيار المياه»، بآخر أكبر منه، هكذا يستفيد الأخير، على حساب... جاره. إضافة إلى مخالفات يقوم بها المواطن على حساب أخيه المواطن، كان أصحاب المنتجعات السياحية يدفعون رشوة لمن يحرس «النبع» لجرّ المياه إلى هذا المشروع أو ذاك، بينما من المفترض أن تصل إلى منازل أبناء كسروان، في حوض السباحة، ما يؤدي إلى قطع المياه يومياً في فصل الصيف، عن أبناء جونيه، صربا، الزوق.
تبدلت تلك الصورة بعد انتهاء الدولة من تنفيذ سد شبروح. لا تقنين بعد اليوم، فالمياه شبه مؤمنة إلى معظم الضيع والساحل في كسروان، حتى في فصل الصيف. شرحت قمر زغيب، مهندسة المشروع، في اتصال مع «الأخبار»، أهمية السد الذي يسمح بضخ كميات هائلة من المياه إلى كسروان، بعد تجمع مياه النبع الإضافية (التي تجف بين آذار وأيلول) في السد.

كيف يمكن منطقة ككسروان، غنية بالينابيع، أن تعيش أزمة مياه؟
وبعد ذلك توزع على خزانات وضعتها أخيراً مصلحة المياه في كل ضيعة فتتجمع المياه فيها وتوزع على المنازل بطريقة أسرع. يغذي هذا المشروع الممول من وزارة الطاقة، ضيع كسروان (عجلتون، غوسطا، بكركي) وأواسطها (زوق مكايل، أدونيس). أما الساحل فله مصدر مياه آخر هو سد المضيق، وهو عبارة عن نفق تحت الأرض. يموّل المشروع مجلس الإنماء والإعمار. لكن، ماذا عن قمع المخالفات التي يقوم بها بعض موظفي مصلحة المياه أو المواطنين؟ طلبت المهندسة من المتضررين رفع شكاوى إلى مصلحة المياه لتتخذ إجراءات صارمة بشأنهم.
هذا وسألت «الأخبار» المدير التنفيذي في مصلحة المياه جورج قاضي، عن موعد الانتهاء من تجديد شبكة البنى التحتية في كسروان، وخصوصاً أن بعض الأحياء ساحلاً وجبلاً لا تصل إليها المياه؟ أسباب «قطعة المي» معروفة: شبكات قديمة في الأحياء، مصادر خفيفة تمنع المياه من الوصول إلى الطوابق العليا، مخالفات على عيار المياه. إلا أن تجديد الشبكة سينتهي عام 2013 ومن شأنه حل كل مشاكل المياه في كسروان، بعد حل المشكلة الأكبر «مصادر المياه». لننتظرْ ونرَ.