شارف الدعم المادي الأميركي لقوى الأمن على الانتهاء، بعد أن استمر بمفاعيله منذ عام 2007. تسلّمت قوى الأمن 20 دراجة نارية أمس، في ظل تسميات متضاربة بين «الهبة» و«الاتفاقية»
محمد نزال
«كل مرّة أرى فيها عنصر قوى أمن يقود إحدى سيارات «الدودج شارجر» على طرقات لبنان، أفتخر بدعمنا لهذا البلد». بهذه الكلمات، وعلى عادتها في التذكير الدائم بما قدمته بلادها من «هبات» سابقة للقوى الأمنية، عبّرت سفيرة الولايات المتحدة ميشال سيسون، أمس، عن افتخارها لمناسبة تسليم 20 دراجة نارية من نوع «هارلي ديفيدسون» إلى قوى الأمن الداخلي، وذلك في حفل أقيم في ثكنة القوى السيارة في منطقة ضبية.
توجّهت سيسون في كلمتها إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وبقية الضباط والأفراد الحضور، مزهوّة قائلة: «أسألكم، هل من أمر يمثّل أميركا أو الروح الأميركية أكثر من دراجة الهارلي ديفيدسون؟»، معلنة أن 24 دراجة من النوع نفسه ستُضاف إليها قريباً.
تسليم الدراجات النارية الـ20 وما سيتبعها، يأتي من ضمن «الاتفاق» بين الحكومة اللبنانية ومكتب المخدرات وإنفاذ القوانين الدولية في الخارجية الأميركية، الذي وقّع في عام 2007، حيث خصصت حكومة الولايات المتحدة بموجبه أكثر من 104 ملايين دولار لـ«التدريب والمعدات لقوى الأمن الداخلي، من أجل تعزيز القدرات المهنية وبنائها»، وذلك بحسب ما جاء في بيان صادر عن السفارة الأميركية في بيروت، أمس.
وكان لافتاً استخدام السفارة في بيانها عبارة «اتفاق» دون الإشارة إلى عبارة «هبة»، وذلك في مقابل إصرار اللواء ريفي على استخدام العبارة الأخيرة، علماً بأن الكثير من المتابعين والقوى السياسية في لبنان يرفضون تسمية «الهبة»، ويصرّون على أنها «اتفاقية أمنية».
حاولت «الأخبار» من خلال سؤال مسؤول أمني رفيع معرفة رأي السفارة الأميركية في ما أثير أخيراً بشأن «الاتفاقية الأمنية»، لكنّه رفض الخوض في الموضوع إطلاقاً، مشيراً إلى «قرار اتُّخذ في هذا الخصوص». لكنّ المسؤول استدرك قائلاً: «بطبيعة الحال، هناك امتعاض من قبل الأميركيين، فعندما يكون هناك أحد ما يُقدّم مساعدة إلى لبنان، ويأتي البعض ويقول له لا نريد مساعدتك أو لدينا شكوك حيالها، فمن الطبيعي أن يولّد هذا الأمر امتعاضاً عند الجهة المانحة».
وفي سياق متّصل، توجّهت «الأخبار» إلى اللواء ريفي بالسؤال عن سبب الاحتفال بتسليم 20 دراجة نارية فقط، فيما سُتسلّم لاحقاً دراجات إضافية، ألم يكن بالإمكان جمعها كلها وإقامة احتفال واحد؟ أم أن هناك رغبة أميركية في الظهور الإعلامي مرة بعد مرة لإبراز «منحها وهباتها»؟ فأجاب ريفي بأن الدراجات النارية الباقية هي «لدينا أصلاً، ولكنّ الولايات المتحدة قدّمت إلينا قطع الغيار وخدمة الصيانة، ولا داعي لإقامة احتفال آخر بعد الانتهاء من الصيانة. وعلى كل حال، فإن هبة الـ104 ملايين دولار قد شارفت على الانتهاء».
يُشار إلى أن الدراجات النارية التي سُلّمت أمس بلغ ثمنها 498 ألف دولار، بحسب بيان السفارة الأميركية، الذي تحدث عن «دراجات الهارلي ديفيدسون الأيقونية، التي هي نفسها تُستخدم حالياً في الولايات المتحدة من وكالات إنفاذ القانون».
ويسأل بعض المتابعين للشؤون الأمنية عمّا إذا كانت القوى الأمنية اللبنانية تلازم خبراء الصيانة الأميركيين، أثناء عملهم في إصلاح الدراجات النارية والسيارات، إذ يمكن وضع أجهزة تنصّت داخل هذه الآليات من دون معرفة أحد. ورداً على هذه الأسئلة، قال اللواء ريفي في حديثه مع «الأخبار» إن قوى الأمن الداخلي لا تُرسل الآليات إلى الولايات المتحدة لإجراء أعمال الصيانة، بل «يحصل ذلك في لبنان وبإشراف اختصاصيي الميكانيك لدينا، وبملازمة دائمة لخبراء الصيانة الأميركيين، ولا داعي للقلق».
وبعد انتهاء سيسون من إلقاء كلمتها في احتفال أمس، حيث أعلنت فرحتها «بنجاح الشراكة بين الولايات المتحدة ومعهد تدريب قوى الأمن الداخلي، الذي تدرّب فيه حوالى 400 عنصر»، ألقى ريفي كلمة شكر فيها الولايات المتحدة على «ما تقدمه من مساهمات»، قائلاً إنه «بعد أن حققنا إلى جانب رفاقنا في الجيش اللبناني انتصارات على الإرهاب، انطلق اللبنانيون في حياة طبيعية ليملأوا الشوارع، وبتنا نشهد ازدحامات كبيرة تتطلب جهوداً جبارة».
وقبل انتهاء الحفل، امتطى عسكريان من قوى الأمن الداخلي درّاجتي «هارلي ديفيدسون» وقدّما عرضاً رمزياً. وعلى بُعد نحو 10 أمتار عن المنصة، أدّى العسكريان التحية بداية إلى اللواء ريفي، ثم إلى السفيرة سيسون التي لوّحت لهما بيدها، فيما الابتسامة لم تغادر وجهها.