عكار ــ روبير عبد اللهمن يشاهد الخندق «الغميق» الذي حفر على الطريق بين حلبا والعبدة يظن أنّ هناك تقصيراً من الفرق المختصة بإصلاح الطرق. لكن سرعان ما يهتدي المرء إلى الجواب حين يعلن أهالي بلدة الحصنية مسؤوليتهم عن الموضوع، فيقول محمد العبد: «نحن من حفر الخندق وإذا في زلم تمنعنا فلتتفضل».
هكذا، اعتصم عدد من الأهالي القاطنين على جانبي الطريق، احتجاجاً على عدم الترخيص لهم بوضع مطبات من أجل التخفيف من سرعة السيارات، وذلك بعد وقوع حوادث عدة أدت إلى وفاة أكثر من طفل. وهنا يروي محمود الضناوي كيف دهست سيارة مسرعة ابن أخيه بلال الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، وهو يسير إلى جانب الطريق، أمام أحد محال الميكانيك. ويلفت وليد عباس، أحد المعتصمين، إلى «أننا طالبنا رئيس بلدية دير دلوم جرجي الكوراني بوضع مطبات، وخصوصاً أنّ منطقتنا تقع ضمن نطاق بلدة دير دلوم، لكنه رفض التجاوب معنا، واضعاًُ الكرة في ملعب قائمقام عكار ومحافظ الشمال، علماً بأنّ مطبّات وضعت في أحياء بلدته البعيدة عن الطريق العام».
أما غازي عبد الرحمن، صاحب محل لبيع الدجاج، فيتحدث باسم أصحاب المحال والمنازل المجاورة، عن مقتل الطفلين فادي حموضة (8 سنوات)، ووليد حموضة (9 سنوات)، وذلك بعد عيد الفطر بثلاثة أيام. وبنبرة عالية، يهدد وهو يشير إلى السيارات التي تعبر بين المحتجين «من يفكر في ردم هذا الخندق فسنضعه تحت الردم». ويردف غير آبه بما قد يتعرض له من ملاحقات قانونية فـ«نحن مستعدون لدخول الحبس ما دمنا هناك نأكل ونشرب من دون أن نعمل». وبعد هدوء موجة الاحتجاج، يستأنف محمد العبد الحديث: «لم نسأل عن الأرصفة أو إنارة الشارع، كما أننا لم نطالب بمستوعبات للنفايات، التي وفرناها على حسابنا الخاص، لكننا نريد حماية أرواح أطفالنا من الموت المجاني». ويستغرب العبد كيف لا يضعون مطبات على طريق تؤدي إلى مسجد وثانوية ومعهد. في الواقع ما يلفت النظر ليس احتجاج الأهالي والاستهتار بحياة الناس، وخصوصاً الأطفال، بل عدم إثارة المعنيين أمر الخندق الكبير الذي يعيق حركة السير على الطريق الوحيدة التي تربط العبدة بحلبا، على الرغم من مرور مدة طويلة على حفره.