احتجّت جمعيات مدنية وقانونية على ترحيل لاجئ عراقي أخيراً، الترحيل جرى عبر الحدود البرية، وأعاد فتح النقاش بشأن الثُّغَر القانونية والتشريعية الخاصة بقضية اللجوء
تعود قضية ترحيل اللاجئين إلى الواجهة، بل إن متابع الملف قد تنبه إلى أنها لم تُسحب من المشهد «السياسي» أو «الأمني». مناسبة الحديث المتجدد هو ما أعلنته جمعية «روّاد فرونتيرز» و«المركز اللبناني لحقوق الإنسان» من أن المديرية العامة للأمن العام رحّلت العراقي علي الميري «قسراً» و«فجأة» يوم الأربعاء الماضي. اللافت بالنسبة إلى بعض المتابعين أن يُرحّل عبر الحدود البرية، فقد «نُقل الميري عبر المصنع إلى سوريا». وهنا لا بد من الإشارة ـــــ وفق المتابعين والمدافعين عن حقوق الإسنان ـــــ إلى أن عمليات ترحيل جماعية وفردية عبر الحدود البرية تجري منذ سنوات طويلة، يسميها البعض أنها «استفادة من خط عسكري، حيث لا تتوقف السيارة التي يُرحّل اللاجئ أو اللاجئون فيها عن نقطة الحدود اللبنانية، بل توقفها الأول يكون في جديدة يابوس عند الحدود السورية».
لكن هذا الإجراء، أي الترحيل براً، لم يعد معتمداً من سنوات في ما يخص اللاجئين العراقيين، وذلك بحسب متابعين للملف «لأن السفارة العراقية تولت دفع تكاليف بطاقات السفر بالطائرة».
بيان «رواد» والمركز اللبناني يشير إلى أن ناشطين تجمّعوا يوم الأربعاء الماضي أمام نظارة الأمن العام تحت جسر العدلية، وأنهم تجادلوا «مع رجال الأمن العام... وتحت تهديد سلاحهم وعصاهم المصوبة علينا»، وكان النقاش حول حقوق الميري وهو بحسب البيان «لاجئ مقبول (من المفوضية العامة للاجئين) ولا يمكن أن يرحّل إلا إذا وافق على إعادته»، ويلفت الناشطون إلى أن موافقة الميري على الترحيل «إذا صحت» إنما حدثت وهو محتجز في نظارة الأمن العام، ما يمثّل ضغطاً نفسياً عليه، وورد في البيان نقلاً عن ناشطين «ما وصلنا من تعرضه (أي الميري) لضغوط معنوية لا تقول ذلك، وليس ما رأيناه بأم أعيننا من دفع له إلى داخل سيارة الأمن العام وضرب داخلها سوى تأكيد على كونه يرحّل عنوة». كما يلفت البيان إلى أنه عندما أُصعد الميري إلى سيارة ترحيله وانطلقت به «تبعه ناشطون... أوقفوا أيضاً في ضهر البيدر بمساعدة قوى الأمن الداخلي لمنعهم من المتابعة. وأرسلت جمعية روّاد فرونتيرز على الفور نداءً عاجلاً إلى وزير الداخلية (زياد بارود) وإلى المدير العام للأمن العام (اللواء وفيق جزيني) لوقف عملية الترحيل القسرية، إلا أن ذلك لم يؤت نتيجة».
يُذكر أن عملية الإبعاد القسري لأي لاجئ تُعد مخالفة للعُرف الدولي الذي يمنع الإبعاد القسري. من جهة ثانية، يلفت المتابعون لقضايا اللاجئين إلى أن مغادرة الأراضي السورية قد تُعدّ مخالفة يُعاقب عليها اللاجئ، وبهذا المعنى فإن إعادته إلى سوريا قد تجعله متهماً في نظر العدالة، ما يستلزم معاقبته، وهو بهذا المعنى لن يكون في وضع مستقر ومريح وآمن.

عملية الإبعاد القسري لأي لاجئ تُعد مخالفة للعُرف الدولي

من جهة ثانية، تحدثت الناشطة في جمعية «روّاد فرونتيرز» سميرة طراد إلى «الأخبار» فلفتت إلى أن الدولة اللبنانية، وبالتحديد الطبقة السياسية والتشريعية فيها، لا تقوم بدورها في قضية اللاجئين إلى الأراضي اللبنانية، بل أوكلت هذه المهمة لجهاز أمني يُعالجه في إطار وظيفته الأمنية لا من خلال النظر إليها من مختلف جوانبها، أي الإنسانية والقانونية والتشريعية وما إلى ذلك.
وأشارت طراد إلى وجود ثغر كبيرة في القوانين والإجراءات، هذه الثغر قد تسهم في دخول لاجئين خلسة بدل أن يدخلوا بطريقة شرعية ويُعطوا مثلاً مهلاً قانونية يُبت خلالها بطلبات اللجوء وتُدرس ملفاتهم دراسة علمية ودقيقة.
شددت طراد على ضرورة التوصل إلى آليات وقوانين للحد من إمكانية استغلال هؤلاء اللاجئين (من المهربين أو التجار أو...)، وتؤكد أن هذا المطلب لا يعني تحويل لبنان إلى بلد لجوء.
(الأخبار)