النهوض بالجامعة اللبنانية ليس شعاراً فقط، هو أمر ملحّ، باتت الجامعة الوطنية تحتاج إليه لكثرة مشاكلها. أساتذة حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي سجّلوا في ندوة أكاديمية، رؤيتهم المشتركة للحلول
محمد محسن
السياسة اللبنانية قوية بما يكفي لإشغال أساتذة الجامعة اللبنانية عن هموم الجامعة ومشكلاتها الكثيرة. أول من أمس، انعكست الآية، فكانت السياسة قويةً بما يكفي ويزيد، لجمع أساتذة هيئة التعليم العالي في حزب الله وأعضاء اللقاء التقدمي للأساتذة الجامعيين. هكذا، انسحب الود الذي تشهده العلاقات بين «الضاحية» والمختارة، على لقاءات الأساتذة الجامعيين. فقد نظّمت الهيئتان ندوة في قصر الأونيسكو بعنوان «النهوض بالجامعة اللبنانية: أولويات الإصلاح». بديهياً، لا تكفي 10 دقائق لكل متحدث من المتحدثين الأربعة، ليتناول بوضوح محور مداخلته. فالدكتور محمد شيا حذف الكثير من مطالعته التي قرأها سريعاً وتناولت «مكانة الأستاذ الجامعي على وجه العموم وفي لبنان على وجه الخصوص». استحضر شيّا «عهد بولونا» محوراً أساسياً، وخصوصاً أنه أول نص مكتوب يتضمن اعترافاً للأستاذ الجامعي بحرياته الأكاديمية.
عرض شيا تاريخ بعض الأساتذة الجامعيين المناضلين من أجل حريتهم الأكاديمية، كالفيلسوف برتراند راسل والدكتور صادق جلال العظم. أما مكانة الأستاذ الجامعي، فتقوم ـــــ برأي شيّا ـــــ على ثلاثة مرتكزات: التزام وظيفي صحيح، كفاءة علمية وعملية، واحترام الذات والآخر.
من جانبه، وضع الدكتور طلال عتريسي في مداخلته عن واجبات الدولة تجاه الجامعة اللبنانية، إصبعه على جرح أثخن الجامعة منذ عقود: «لا رؤية واضحة ومحددة لهوية الجامعة ومهمتها، سواء على المديين المتوسط أو البعيد». من ينصت لمحاضرة عتريسي جيداً، يوقن أن الجامعة اللبنانية تعمل على «التساهيل». فقد أشار إلى أن الدولة تركت التعليم الجامعي الخاص من دون تدّخل، فيما عمدت إلى التدخل السياسي المباشر في نشوء التعليم الجامعي الرسمي وتطوّره. في توصياته، طالب عتريسي الدولة بوضع استراتيجية عمل للجامعة الوطنية تلحظ دورها وهويتها ووظيفتها. كذلك، ناشدها أن تكف يد التدخل السياسي والإقطاعي في شؤون الجامعة، فضلاً عن ضرورة تحويلها إلى مركز استقطاب للأبحاث العلمية. في زحمة الوقت، قدم الدكتور فهد نصر قراءة في تجربة المناهج الجديدة «أل أم دي»، مستعرضاً مراحل إقرار النظام الجديد وتطبيقه، قبل أن يقترح 10 توصيات، منها «تأليف لجان تقويم تجربة هذا النظام لتحديد نقاط الضعف، واقتراح الحلول الرامية إلى التناغم مع أنظمة التدريس العالمية». قانونياً، عرض الدكتور محمد طي بالتفصيل الهيكلية الإدارية في الجامعة اللبنانية، في ضوء القانون 66 لتنظيم المجالس الأكاديمية في الجامعة اللبنانية. سجّل ملاحظات مهمة على القانون، بدأها

لا رؤية واضحة ومحددة لهوية الجامعة اللبنانية ومهمتها
بسؤال جوهري: لماذا ليس قانوناً متكاملاً مستقلاً يبدأ بأرقام 1و 2، وينتهي بإلغاء الأحكام التي تتعارض معه ولا تأتلف مع أحكامه(..)؟ أما توصياته فكانت وضع قانون مستقل بعد إلغاء المواد المخالفة، ومشاركة الأساتذة في اختيار المرشحين للإدارة والعمادة. كذلك، أوصى طي بمشاركة أساتذة الملاك في اختيار رئيس الجامعة، ووضع شروط للترشح للرئاسة والعمادة والإدارة. أما في حال الخلاف بشأن قانونية قرارات المدير أو العميد، فأوصى طي بإحالة الأمر إلى جهة حقوقية. كان للأساتذة المتعاقدين مطالب تضمنتها ورقة أرسلوها إلى الندوة، أهمها «دعم ملف المتعاقدين ودعوة وزير التربية ورئيس الجامعة إلى رفع الملف إلى مجلس الوزراء من دون ربطه باستحقاقات أخرى».
منظمو الندوة لا يخفون دور السياسة في انعقادها أولاً «نتشارك والحزب الاشتراكي في كثير من النقاط في رؤانا التربوية، وكانت موجودة قبل الخلاف السياسي وبعده، إلا أن الجو السياسي ملائم والأساتذة اجتمعوا بسبب غيرتهم على الجامعة الوطنية»، كما يقول د. عبد الله زيعور رئيس هيئة التعليم العالي في حزب الله. أما اللقاء التقدمي، فيشير على لسان منسقه الدكتور وليد ملاعب، إلى أن «اللقاء هو بداية ستستكمل مع كل الأطراف، في عز الخلافات السياسية كنا نلتقي، كلنا تحت سقف مصلحة الجامعة».