في الجنوب سجنان، وكلاهما مخصّص للرجال، أما النساء الموقوفات في قضايا مختلفة فإنهن يودعن في سجن بعبدا، ويتكبّدن مشقة النقل إلى الجنوب للخضوع للتحقيقات
آمال خليل
أودعت رشا (الاسم مستعار) قيّد التوقيف الاحترازي في سجن بعبدا للنساء لمدة خمسة أيام، بعدما صدمت رجلاً وقتله بسيارتها. خلال هذه الفترة كانت الصبية تُساق إلى صور، مكان توقيفها الأول، وأيضاً مكان رفع شكوى أهل القتيل ضدها، لسماع أقوالها والتحقيق معها. لم تقتصر معاناة الأهل على القلق من جراء توقيف ابنتهم الجامعية، بل تكلّفوا أيضاً الانتقال من مكان إقامتهم في منطقة صور إلى بعبدا لزيارتها يومياً.
أما سميرة (اسم مستعار) فإنها تساق دورياً من سجن بعبدا إلى محكمة النبطية لاستكمال التحقيقات معها في تهمة قتل زوجها المنسوبة إليها منذ أكثر من سنتين. معاناة ذوي سميرة أكبر لأنه ليس باستطاعتهم تحمّل نفقات زيارتها دورياً، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ نفقات التنقّل تُضاف إلى المصاريف الكبيرة لتوفير حاجياتها المختلفة. أحد أقاربها ينقل عنها قولها إنها تفضّل أن يصدر «الحكم بسجنها أو حتى بإعدامها بسرعة كي ترتاح من معاناة السَوق من بعبدا إلى النبطية». سَوق السجينات أو نقلهن، يجري عادةً في شاحنات وآليات تابعة لقوى الأمن الداخلي، تجلس الموقوفات على مقاعد حديدية ضيّقة وهن مكبّلات، هذه المقاعد تُقام في صندوق الآلية الخلفي، وإن توافرت فيه نافذة، فإنها تكون صغيرة جداً.
«العقاب» بالنسبة إلى سمر ورشا وأخريات لا يقتصر على التوقيف والمكوث في السجن، بل يعود إلى عدم وجود مركز توقيف أو سجن خاص بالنساء في الجنوب. ورشة «نفض» السجون وإنشاء مبان جديدة تابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الجارية في الجنوب منذ عامين، لم تلحظ استحداث مركز أو سجن «نسائي» بدلاً من احتجاز الموقوفات في غرفة رئيس المخفر أو الحرّاس أو سوقهن إلى سجنَي بربر الخازن وبعبدا بانتظار انتهاء التحقيقات الأوّلية، ولا توجد إحصاءات رسمية عن عدد النساء اللواتي أوقفن في الجنوب، ثم نُقلن إلى سجن بعبدا. يقول رجل أمن إنّه احتجز سيدة في غرفة المنامة الخاصة به في أحد مخافر قضاء صور لعدم وجود غرفة بالموقوفات. لمدة 36 ساعة، بقيت تلك السيدة مكبّلة بالسرير الحديدي خوفاً من تمكّنها من الهرب من الغرفة ذات النافذة الواسعة والواقعة في الطابق السفلي.

لا إحصاءات رسمية عن عدد النساء اللواتي أُوقفن في الجنوب

مسؤول أمني قال لـ«الأخبار» إنّ اقتراحات عدة رُفعت لتحويل السجن المرتقب إعادة افتتاحه في بنت جبيل إلى مركز توقيف أو سجن خاص بالنساء لعدم وجود مثيل له في الجنوب من جهة، ولتوافر سجنين للرجال يحيطان بالمدينة وهما سجنا صور وتبنين. إلّا أنّ تلك الاقتراحات «مرهونة بقرار وزير الداخلية وإدارة السجون في مديرية قوى الأمن الداخلي»، لكنه يلفت في المقابل، إلى صعوبة إحالة تلك الاقتراحات على التنفيذ «بسبب قلّة عدد النساء في الجنوب اللواتي يجري توقيفهن لارتكاب جنح أو جرم أو ما إلى ذلك»، ويؤكّد أنّ «سيدتين فقط أُوقفتا خلال العامين المنصرمين في قضاء صور، الأولى بتهمة الشروع في قتل، والثانية لتعرّضها لعنصر أمن».
من جهة ثانية، خلال الأسابيع المقبلة تنجز منظمة «انترسوس» الإيطالية ورشة تأهيل سجن النبطية بتمويل من السفارة الإيطالية. بعدما أنهت تأهيل سجن صور وتجهيزه وتدعيم سجن تبنين، تستعد المنظمة لبدء ورشتها في سجن جزين بعد النبطية. ومن المقرر أن تنتهي أشغال ترميم مبنى سرايا بنت جبيل وصيانته في الفترة ذاتها وبحلّة جديدة، شملت استعادة السجن الذي كان قائماً في الطبقة الأرضية من المبنى، وأُقفل إثر الاحتلال الإسرائيلي الأول للجنوب. أما مبنى مخفر علما الشعب (قضاء صور)، فقد أُنجز بناؤه وتجهيزه بهبة من دولة الإمارات العربية المتحدة. ويضم المبنى الجديد ثلاث نظارات للتوقيف حتى 48 ساعة، بعدما كان عناصر المخفر يسوقون الموقوفين إلى مخفر القلَيلة، أو مباشرةً إلى النيابة العامة في صيدا لعدم وجود نظارة.