لم تسأم إيفا حبيش العمل في الشأن العام، لكنها ملّت محاربة الناس لها، وخصوصاً السياسيين الذين «لا يمرّرون أيّ معاملة من دون رضاهم». لذلك تشترط للترشح إلى مركز المخترة مجدداً «أن يكون هناك أشخاص نشيطون إلى جانبي يتحركون لمصلحة البلدة»
كفرحورا ــ فريد بو فرنسيس
انتُخبت إيفا حبيش مختارة لبلدة كفرحورا عام 1998، إلا أنها مطّلعة على هذا العمل منذ عام 1957، لأنه متوارث في عائلتهم أباً عن جد. عمّها كان مختاراً لأكثر من أربعين عاماً، ثم انتقل المركز إلى والدها لأربعين عاماً أخرى. كانت إيفا تساعده، وتولّت مهماته عملياً خلال فترة مرضه. «عندما مرض والدي، كنت أنا المختارة، ولكن على نحو غير رسمي، بعلم قائمقام زغرتا في حينها عبد الفتاح عثمان الذي كان يثق بنا كثيراً. يومها تعرّفت إلى هذا العمل ومشاكله، حتى جاءت الانتخابات في عام 1998 وأصبحت مختاراً منتخباً».
إيفا خاضت الانتخابات خلافاً لإرادة والدها. «عندما سألته في أواخر أيامه عمّن يودّ أن يكون مختاراً من بعده، تمنّى أن يكون خالي أنطوان الشويفاتي»، لكنّ الأهالي رفضوا الأمر. تعدّدت الترشيحات في البلدة، حتى أصبح لكلّ عائلة مرشحها الخاص، لكنّ الجميع كانوا متفقين على ترشيحها. «إذا إنت بتترشحي كلنا ننسحب من التنافس لمصلحتك»، قيل لها. وحده خالها بقي مصرّاً على خوض المعركة التي خيضت بين الخال وابنة الأخت، و«تمكنت من الفوز عليه بضعفي الأصوات التي نالها»، ما سبّب شرخاً كبيراً في البلدة استمر لسنوات.
بداية عمل المختارة لم تكن مشجّعة: «أبناء البلدة متخاصمون في غالبيّتهم، فوجدت نفسي بين نارين. لذلك لازمت المنزل مع والدي ريثما تهدأ النفوس، ولم أكن أريد أن أستقبل أحداً حتى أقرب الناس إليّ». لذلك ترى أن المخترة «ليست أكلة حلو ولا منصباً للوجاهة، إنها خدمة مجانية للناس ووجعة راس»، وخصوصاً بالنسبة إلى إيفا التي لم تكن بحاجة إلى مشاكل إضافية، تكفيها هموم التعليم ومرض والدها. «كنت معلّمة في مدرسة الكرملية مجدليا، وكانت أوضاعي بألف خير. كأن المخترة جاءت فأل نحس عليّ. عندما انتُخبت، أُجبرت على ترك المدرسة مع بعض الأساتذة بحجة النقص في عدد الطلاب، وها أنا اليوم بلا مدخول». يضاف إلى ذلك عدم وجود بلدية في بلدتها، ما رتّب عليها أعباءً إضافية.
حبيش تعيش وحدها اليوم بعدما توفي والدها. تهتمّ كثيراً بخدمة أهل البلدة، على الرغم من «الإهانات الكثيرة التي تعرّضت لها من قبل الأهالي، إلا أنني لم أرفع دعوى أو أسجّل شكوى على أحد، بل أخدمهم من دون مقابل، رغم حاجتي الماسة إلى المال، بل إني في مرات كثيرة أدفع من جيبي الخاص».
على الرغم من كلّ ما تقوله حبيش، فازت بالتزكية في انتخابات عام 2004: «لم أكن أريد الترشّح كي لا أكون مع طرف دون آخر، لكنّ الأهالي توافقوا على أن أكون أنا مختار البلدة»، عندها وافقت مشترطة تعاون أهالي البلدة معها. «العمل يسبّب لي الكثير من المشاكل، وأنا أدفع من وقتي ومالي وصحتي في الخدمة العامة، ولا أستفيد شيئاً». هنا فقط تتشجّع حبيش، التي تعيش وحدها من دون معيل، لتتمنى على وزير الداخلية والبلديات «أن يخصّ المخاتير براتب محدّد، لأن العمل في المخترة يختلف بين بلدة وأخرى، أو على الأقل فليضع تسعيرة موحّدة بين المخاتير».