محمد نزالاشتاق مازن إلى جدّته، فطلب من والده السماح له بزيارتها في منزلها الكائن في منطقة كليمنصو، وقضاء ليلة عندها. وافق الوالد على الطلب، لأنه لم يكن يتوقع أن ولده القاصر (13 عاماً) سيتعرض لحادثة قاسية جداً خلال الزيارة.
مساء ذاك اليوم، طلبت الجدة من حفيدها رمي كيس النفايات في المستوعب الموضوع أسفل المبنى. أنجز مازن ما طلبته الجدّة، وأثناء عودته إلى المنزل لاحظ 3 شبان يلحقون به. شعر بالخوف، أسرع الخطى، بدأ بالركض، فركض خلفه أحد الشبان الثلاثة. تمكّن الأخير من إدراكه عند الطابق الثالث من المبنى. خارت القوى في جسد الفتى النحيل، بعدما تملّكه الخوف. استسلم مازن لسمير، والأخير شاب عمره 20 عاماً، وقد قرّر الاعتداء جنسياً على مازن. أدار وجهه إلى الحائط، ثم نزع عنه ثيابه بما فيها الداخلية، واغتصبه. في تلك الأثناء، أضاءت عمّة مازن الدرج، ونادته باسمه، ففزع المعتدي من «افتضاح أمره» ولاذ بالفرار.
من ارتكب بقاصر فعلاً منافياً للحشمة، عوقب بالأشغال الشاقة
أخبر مازن جدّته وعمّته بمّا تعرض له، قبل أن يخبر والده أيضاً. اصطحب الوالد ابنه إلى المخفر، وأبلغ القوى الأمنية أن ولده قد «تعرّض لاعتداء جنسي» متّخذاً صفة الادّعاء الشخصي. حدّد القاصر في إفادته ملامح المعتدي، إضافةً إلى المكان الذي يلمحه فيه عادةً في شارع كليمنصو. توجّهت دورية من قوى الأمن إلى المكان، وبالفعل وجدته هناك، فأوقف واقتيد إلى التحقيق. أنكر سمير بدايةً ما أُسند إليه من اتهام، وأفاد أن المدّعي القاصر «تحرّش به، فضربه الأخير بعدما نهره عن فعلته».
عُرض مازن على طبيب شرعي، فنظّم تقرير مفصّل بحالته. ومما جاء في التقرير: «وجود احمرار في الشرج، من دون وجود جرح في العضل»، ليخلص إلى القول بتعرّض مازن لاعتداء، مع عدم تبيّن وجود ممارسة جنسية من هذا النوع بطريقة مزمنة».
أخلت المحكمة سبيل سمير، على أن يعود لاحقاً للمثول أمامها في جلسات المحاكمة. لكنه لم يحضر، فتقرّرت محاكمته بالصورة الغيابية، واعتباره «فاراً من وجه العدالة». وكان لافتاً أن والد القاصر أسقط الادّعاء الذي كان قد تقدّم به، دون ذكر أيّ سبب يدعوه إلى ذلك في نص الحكم الصادر عن المحكمة.
وبناءً على الوقائع والأدلة الواردة في ملف القضية، أصدرت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة اسكندر والمستشارين وليد القاضي وهاني الحجار حكماً قضى بتجريم سمير، وذلك بمقتضى المادة 509 من قانون العقوبات، وبإنزال عقوبة الأشغال الشاقة بحقه مدّة 3 سنوات، على أن تُحتسب له مدّة توقيفه الاحتياطي، إضافةً إلى التأكيد على تنفيذ مذكّرة إلقاء القبض الصادرة بحقه.
يُشار إلى أن المادة 509 من قانون العقوبات تنص على التالي: «من ارتكب بقاصر دون الخامسة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة، أو حمله على ارتكابه، عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة. ولا تنقص العقوبة عن أربع سنوات إذا لم يتم الولد الثانية عشرة من عمره». وتنص المادة 508 من القانون نفسه على أنه «يُعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر، من لجأ إلى ضروب الحيلة أو استفاد من علّة امرئ في جسده أو نفسه فارتكب به فعلاً منافياً للحشمة أو حملة على ارتكابه».