جبيل ــ جوانا عازارجبيل مدينة مصنّفة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وإبقاؤها على هذه اللائحة يتطلّب مراعاة شروط المحافظة على الآثار وعَرضها. لذا، خلال السنة الماضية، ضمن مشروع الإرث الثقافي الذي يموّله البنك الدولي، أُزيلت محطة محروقات، وحائط ملاصق لها وأعمدة عامّة لإبراز معالم القلعة الصليبيّة أمام الوافد إلى مدينة جبيل. فبات منظر الآثار مكشوفاً. ولكن، انقلب الواقع رأساً على عقب حينما عمدت إحدى الشركات إلى تركيب لوحة إعلانيّة كهربائيّة في العقار الرقم 709 باتجاه الطريق الروماني الأثريّ، مغطيةً منظر الآثار. الشركة حصلت على الترخيص من بلديّة جبيل، بعدما استأجرت المكان من وقف جبل لبنان. ناشطون في جمعيّات من جبيل وفي أنديتها يطالبون بإزالة اللوحة، كذلك كمال زين الدين، الذي ركبّت اللوحة على سطح محلّه، فيما يردّ صاحب الشركة كلّ ما يساق ضده.
«إنّه الترخيص الأوّل للوحة إعلانيّة كهربائيّة في قلب المدينة الأثريّة في جبيل، ونحن نخشى الترخيص لغيرها في أماكن أثريّة مشابهة ما يعرّضها لشطب اسمها عن لائحة التراث العالميّ»، يقول لـ«الأخبار» الناشط الجبيليّ في المجتمع المدنيّ جورج لحود، كاشفاً أن عدداً من رؤساء الأندية والجمعيّات في جبيل وجّهوا كتاباً إلى رئيس مجلس بلديّة جبيل وأعضائها، وموضوعه إزالة اللوحة الإعلانيّة الكهربائيّة التي وصفها الكتاب بالعملاقة. ويشير لحود إلى أنّ «موقع اللوحة في القلب النابض للمدينة الأثريّة يحجب رؤية القلعة الصليبيّة من مدخل المدينة الرئيسي، بعدما كانت المديرية العامة للآثار قد عملت على استملاك العقارات لإبراز منظر القلعة». ويعبّر الكتاب عن استياء المجتمع المدنيّ والتجاريّ من الترخيص المعطى للوحة المذكورة، علماً بأنّ طلبات تراخيص للوحات إعلانيّة كهربائيّة كبيرة وصغيرة رُفضت من المجالس البلديّة السابقة ضمن المنطقة الأثريّة للمدينة. ويطالب الكتاب البلديّة بالرجوع عن الترخيص المعطى.
رئيس بلديّة جبيل، الدكتور جوزف الشامي، أشار إلى أنّ «الرأي متفاوت حيال اللوحة الإعلانيّة، هناك من يؤيّدها وهناك من يعارضها، وليس من المعيب المزج بين التكنولوجيا الحديثة والآثار، إلّا أنّ ذلك لا ينفي تقبّلنا الملاحظات التي يعطيها المعترضون».
أمّا كمال زين الدين، الذي وُضعت اللوحة على سطح محلّه، فيقول: «هناك دعاوى بين وقف جبل لبنان ووقف المسلمين السنّة في جبيل بشأن ملكية المحل وسطحه. ففي سند الإيجار الذي أُعطي له من وقف جامع جبيل إشارة إلى حقّه في استثمار السطح، ولكن الشركة تغاضت عن ذلك واستأجرت السطح من وقف جبل لبنان، ما يعني أن استثمارها غير شرعي».
ويبدي صاحب الشركة الإعلانية، فارس كلّاب، استغرابه للبلبلة التي أثارها تركيب اللوحة، مؤكّداً أن الترخيص قانوني، وحينما تُبتّ الأمور بين الوقفين، يدفع الإيجار للمالك. ويشير إلى أنّ تسجيل الإيجار في البلديّة حصل مطلع شهر كانون الأوّل. ويرفض كلّاب مقولة إنّ اللوحة تغطّي قلعة جبيل، ناقلاً إصرار رئيس بلديّة جبيل على تركيب اللوحة بطريقة تجعلها لا تغطّي القلعة، وهذا ما حصل. ويؤكّد أن عدداً كبيراً من تجّار جبيل يتهافتون على حجز لوحات لإعلاناتهم. ويقول كلاب إنّ الشركة باتت «كبش محرقة في الخلافات بين الأوقاف، أو حجّة لتوجيه رسائل إلى بلديّة جبيل ورئيسها مع اقتراب الانتخابات».