فاتن الحاجيبدو أنّ حركة المعلمين الشيوعيين تتجه إلى تصويب أدائها النقابي في المرحلة المقبلة. والسبب أنّه لم يعد مقبولاً، في رأي هؤلاء، الاستمرار بالتحرك الميداني لتحسين أوضاع المعلمين فحسب من دون الاهتمام بتطوير نوعية التعليم الرسمي ليصبح منافساً جديّاً للتعليم الخاص. فقد قدّم قطاع المعلمين في الحزب الشيوعي تشخيصه لأزمة النظام التربوي، في وثيقة تعليمية يطرحها للنقاش المفتوح مع جميع القوى السياسية والنِّقابية والتربوية، من أجل إنقاذ التعليم الرسمي من حال التردي الذي يعاني منه. فالنهوض بهذا التعليم، كما تقول الوثيقة، «لا يمكن أن ينحصر في تأليف لجان عدة بقرار من وزير التربية تتولى العمل على الملفات التربوية، بل هو قرار يتخذ على أعلى المستويات الرسمية وينعكس في ورش عمل يشارك فيها الباحثون التربويون ورابطات المعلمين النقابية والمهنية للوصول إلى اتخاذ القرارات».
هكذا، أطلق عماد سماحة، نائب مسؤول قطاع المعلمين الشيوعيين، الوثيقة من مقرّ الحزب في الوتوات، على خلفية أنّ «النضال من أجل قيام حكم وطني ديموقراطي مقاوم، يستوجب بالضرورة نضالاً من أجل تغيير نظامنا التربوي». هذا النظام ينتج، بحسب سماحة، الاصطفافات السياسية والمذهبية بين الطلاب، وخصوصاً أنّه مرتهن للخارج ولنظام السوق والخصخصة وقوانين الربح، ما يمنع تنوّع فروع التعليم المرتبطة بالاقتصاد المادي المنتج.
وإذ طالب سماحة بتعزيز التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية، أكد أهمية استقلال الدولة الحقيقي عن طوائفها ومذاهبها، وقدرتها على توفير تعليم رسمي يخدم وحدة اللبنانيين. هذه الوحدة تتحقق، في رأيه، بإصدار كتاب تاريخ موَحّد لجميع طلاب لبنان، وتوفير تعليم رسمي إلزامي ومجاني ذي جودة عالية.
ومع ذلك، لم يغفل سماحة القضايا المطلبية، ولا سيما إعادة الاعتبار إلى موقع الأساتذة والمعلمين. كذلك شدد على إعادة العمل بروابط التلامذة في الثانويات الرسمية وإعادة إحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية وفق صيغة نقابية ديموقراطية تتماشى وبنية الجامعة. وفي الأولويات، أبدى القطاع

لا يجوز أن ينحصر النهوض بالتعليم الرسمي في لجان وزير التربية

دعمه لكل التحركات التي يقوم بها الأساتذة الثانويون وأساتذة التعليم المهني والتقني، إضافة إلى مساندته المجلس المركزي لرابطات المعلمين الرسميين في تحركه الهادف إلى رفع الغبن التاريخي عن هذا القطاع الواسع. وهو يدعم كذلك أساتذة الجامعة اللبنانية من أجل إبعاد التدخلات السياسية.
وسيستمر القطاع، كما قال سماحة، بالنضال من أجل حق التنظيم النقابي للمعلمين وموظفي القطاع العام، فضلاً عن تعزيز كل أشكال التنسيق المشترك بين جميع الهيئات النقابية في القطاع التعليمي من أجل مواجهة محاولات السلطة لضربها.
وفي الوثيقة، يعرض القطاع رؤيته لواقع التعليم العام والمهني الرسميين، كاشفاً الأسباب والعوامل السياسية والتربوية والإدارية الآيلة إلى تدنّي النوعية في التعليم الرسمي. كذلك يقترح حلولاً في مشروع يتضمن ستة محاور: أزمة النظام التربوي اللبناني والتعليمي في لبنان، واقع التعليم ما قبل الجامعي (الأبنية، التجهيزات، الالتحاق وتكافؤ الفرص، الأهلية المهنية للمعلمين والمناهج التعليمية)، مقاربة التخطيط التربوي وفق الخطة الوطنية للتعليم للجميع، والتوجهات المستقبلية للتعليم العام والتعليم المهني والتقني. أما المحور الخامس، فيتطلّع إلى حاجات التعليم الرسمي إلى إصدار قوانين جديدة. وفي المحور السادس، ينطلق البرنامج المطلبي للشيوعيين من ضرورة الحفاظ على دولة الرعاية الاجتماعية. كذلك يتضمن هذا المحور دراسة عن تطوّر رواتب أساتذة التعليم الثانوي والتعليم الأساسي.