باريس ـــ بسّام الطيارةعلّق الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أمس على المعلومات التي تناقلتها الصحافة عن «رغبة فرنسا في تجفيف التمويل المخصص للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، علماً أن هذه التسريبات تضرّ بـ«موقف فرنسا المعروف وتهدّد السلم في لبنان».
أعاد فاليرو التذكير بهذا الموقف، الذي وصفه بأنه «واضح ومعروف من الجميع». وأضاف إنّ فرنسا تريد «أن تنجلي الحقيقة في ما يخص جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه»، وهي لذلك «تدعم عمل المحكمة بلا تردّد، وتسهم في المعدّات والتمويل»، وتشدّد على ضرورة أن «تتابع المحكمة عملها بكل استقلالية ورصانة»، وإنّ باريس تدعم اللبنانيين برفضهم «إفلات الجناة من العقاب كما ذكر بيان الرئاسة اللبنانية» أول من أمس. وكان رئيس المحكمة الدولية قد أعلن في آذار الفائت تراجعاً طفيفاً في إسهام فرنسا المالية للعام الحالي مقارنةً بـ2009.
إلا أن فاليرو تجنّب الإجابة عن سؤال ثان بشأن مصدر هذه التسريبات، معتبراً أنّها «معلومات صحافية نأخذها كما هي»، معيداً التذكير بما ذكره في ردّه على السؤال الأول. إلّا أنه تعثر عند الإشارة إلى أن «وزيراً مقرّباً من الرئاسة تناول بشراسة موقف فرنسا»، ورفض التعليق على موقف هذا الوزير بقوله إنّ المطلوب اليوم هو «الرصانة، وأن تعمل المحكمة برصانة»، مذكّراً بـ«صداقة فرنسا للبنان».
رغم هذه اللغة الخشبية التي ساعدت على الابتعاد عن محور القضية التي تدور حول «توقيت التسريبات بالتوازي مع الحديث عن سلاح حزب الله»، كما يقول دبلوماسي عربي متابع، فإن بعض الأوساط في باريس ترى أنّ «التوقيت مهم جداً، ومصدر التسريب مهم أيضاً»، ويتفق مع بعض الخبراء على أن «هذه التسريبات تلفيقة»، إذ إنّ «هيكليتها» لا تستند إلى أيّ مصدر ولو مجهولاً، بل تستند إلى حديث قيل لوفد فرنسي نقلاً عن مقرّبين من مصادر غير مذكورة (القصر الجمهوري) قبل أن يعاد «استصراحها» من جانب مقرّبين من الوفد الفرنسي لتعاد وتُرمى كـ«سبق صحافي» بين طيّات صحيفة معروفة. وقال أحد المسؤولين الفرنسيين إنّ هذا الخبر غير منطقي، إذ إنّ باريس تعرف أنّ «عمل المحكمة بات مندفعاً على سكة لا يمكن إيقافها ولا تأجيلها مهما كانت الظروف»، إلّا أنه يستطرد قائلاً «فقط غياب العناصر الحدثية» (éléments factuels) يمكن أن «يؤخّر قليلاً» عمل المدعي العام «ولكن لا يمكن إيقافه»، قبل أن يضيف إنّ «عمل المحكمة لا يعتمد فقط على تمويلها بل أيضاً على العناصر الإنسانية» وهي الأهمّ.