بنت جبيل ــ داني الأمينفجأة، ومن دون إنذار مسبق، عاد «معبر بيت ياحون» الإسرائيلي إلى حيث كان على الطريق العام الذي يصل بنت جبيل ببيت ياحون وتبنين. مشهد مرعب بلا شكّ. عاد العدو إلى حيث كان قبل التحرير، الأمر الذي أثار حفيظة الأهالي هناك. فهذا المشهد يذكّرهم بأيام المآسي والذلّ التي كانوا يتكبدونها أثناء تنقلاتهم بين المناطق التي يحكمها المعبر. يعيدهم إلى أيام «الجلبوط»، حسين عبد النبي، وغيره من العملاء اللحديين.
لكن هذا المشهد المرعب، بلا شك، لم يستمر طويلاً، إذ سرعان ما تبيّن أن إحدى وسائل الإعلام تعدّ فيلماً عن فترة الاحتلال السابقة، لعرضه في الذكرى العاشرة للتحرير. ولهذا السبب، أعادت تركيب المعبر لتصوير «الأيام الخوالي». هذه العودة، ولو في الفيلم، لم تمنعهم من الخوف واسترجاع بعض الذكريات. هكذا، فوجئ حسن فقيه، ابن بلدة الطيري بـ«حاجز على طريق بيت ياحون وفي مكان المعبر القديم نفسه». يتذكره فقيه بتفاصيله «يشبهه تماماً، مؤلّف من قاعدتين حجريتين ملونتين بالأحمر وعدد من إطارات السيارات». ويتذكر معاناته أثناء عبوره، «فهو كان المحطّة الأصعب لكلّ عابر من هناك، ولمّا سألت الأهالي قالوا إن فيلماً يصوّر هناك». الخوف الذي عاشه فقيه، عاشه أيضاً فادي بزّي من بنت جبيل، «مع شوية نقمة». ويقول بزي إنه «كان يجب على المعنيين أن يضعوا لافتة تنذر بذلك، فقد ذكرنا المشهد بأيام لا أنصح أحداً بسماعها». أما علي حيدر من عيترون، فلم يوافق بزي رأيه، إذ يلفت إلى أنه «لا بد من إعادة هذا المشهد كل فترة، لأن على الجيل الجديد أن يعرف ماذا عانينا أيام الاحتلال، وليعلموا ماذا فعله العملاء بأهلهم، وكيف كان هؤلاء أمثال حسين عبد النبي وأحمد سلامة وغيرهما يستبدّون وكأنهم مخلّدون، وكيف قتلوا واعتقلوا». ويروي أحد أبناء بنت جبيل، رفض الكشف عن اسمه، حادثة مع «العميل أبو برهان عند المعبر»: «ذات مرّة، أردت الخروج من بنت جبيل لإنجاز معاملة في بيروت، وما إن علم أبو برهان أنني أريد الحصول على تصريح بذلك، جعلني أنتظر عند المعبر في الشمس الحارقة أكثر من 7 ساعات متواصلة ثمّ قال لي عليك أن تذهب الأن وتأتي غداً، وفي اليوم التالي كرّر الأمر نفسه، في محاولة لإذلالي».