يلتئم مجلس الوزراء، اليوم، في جلسة خاصة استثنائية، لمناقشة خطة وزارة التربية لتطوير التعليم العام ما قبل الجامعي (2010 ــ 2015). عشية الجلسة، يسجّل عدد من التربويين في التعليمين الرسمي والخاص ملاحظاتهم على خطة يأملون ألّا تلقى مصير سابقاتها، فتغرق في مستنقع هدر المال والوقت والجهد
فاتن الحاج
أجمل من أن تصدّق، طموحة جداً، غنية، تكاد تكون شاملة، ناقصة، قاتمة، سوداوية. ليست هذه الصفات سوى أحكام أوّليّة يطلقها تربويّون وروابط تعليمية على خطة «حصلنا عليها بطرقنا الخاصة ولم تضعها وزارة التربية بين أيدينا»، بل، أكثر من ذلك، «استبعدونا من فرق عمل إعدادها وبرامج تنفيذها».
وكي لا تبقى هذه الأحكام انطباعية، تحتاج خطة الوزارة الخمسية إلى تطوير التعليم العام ما قبل الجامعي، في رأي هؤلاء، إلى من يقف ويدافع عنها أمام المعنيين بالشأن التربوي. قد يحصل ذلك عبر عقد جلسة لشرح تفاصيل الرؤية بأبعادها الحقيقية، باعتبار أنّ الشياطين لا تظهر في رؤوس الأقلام والخطوط العريضة.
إلاَ أنّ وزير التربية حسن منيمنة يوضح لـ «الأخبار» أنّه في صدد إطلاق النقاش بشأن الخطة بعد إقرارها في مجلس الوزراء «ما فينا نعمل هيدا الشي قبل ما منعود نخلص». لكن هل عرضت الخطة على المكاتب التربوية الحزبية؟
أما الحديث عن إشراك خبراء التربية والتخطيط وأفراد من الإدارات المعنية، فلا يغني، بحسب النقابية بهية بعلبكي، أمينة الشؤون التربوية في رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، عن انخراط نقابات المعلمين في لجان الخطة، وخصوصاً أنّها «صاحبة الخبرة التربوية الطويلة». من هنا، تطالب بحفظ «موقعنا في المشاركة في القرارات قبل اتخاذها ولا بعد اتخاذها».
للوهلة الأولى، تلاحظ بعلبكي أنّ الخطة العتيدة تتقاطع في نقاط كثيرة مع خطة النهوض التربوي في عام 1995. «فالأخيرة لم تطبّق في التعليم الرسمي إلّا في البند المتعلق بالمناهج، رغم الأموال الطائلة التي صرفت عليها». ومع ذلك، تؤكد النقابية الوقوف مع الإصلاحات التي طرحتها خطة تطوير التعليم العام ما دامت تصبّ في خدمة التعليم الرسمي، وإنّ كانت تتمنى لو أنّ الخطة ضمّنت الفصل المتعلق بالمنطلقات الأساسية للتوجهات الاستراتيجية للتربية عبارة «تعزيز التعليم الرسمي باعتباره التعليم الوطني، وتعزيز اللغة العربية لكونها اللغة الرسمية ولغة التراث والمجتمع».
وفي المنطلقات، تسجّل بعلبكي ـــــ المعلمة غياب اتفاقية القضاء على أشكال التمييز بحق المرأة عن المواثيق الدولية التي تستند إليها الخطة، داعية وزير التربية حسن منيمنة إلى «تصحيح هذا الخطأ، وخصوصاً أنّ القطاع التعليمي يتجه نحو التأنيث كما في كل دول العالم».
وبالنسبة إلى توفير التعليم على أساس من تكافؤ الفرص، تقول بعلبكي: «يسعدنا أن تكون الخطة قد أخذت بمطلب الرابطة على مدى سنوات فتح رياض الأطفال في المدارس الرسمية الابتدائية». وتقدّر السعي إلى تحقيق تعليم أساسي إلزامي حتى عمر 15 سنة، بما في ذلك تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة. لكنّ ذلك لا يستقيم، في رأيها، إذا لم يكن مقروناً بمجانية التعليم المطلقة من جهة، وتعديل قوانين العمل اللبنانية التي لا تزال حتى الآن تسمح بعمالة الأطفال قبل هذه السن.
لكن ما يستغربه التربويون هو تغييب الخطة لمشروع الخريطة المدرسية الذي يلحظ توزيع المباني المدرسية على المناطق والطوائف وتوفير البنى التحتية وتخفيف الهدر. والخريطة المدرسية تعني في ما تعني إيجاد مقعد لكل تلميذ وتعزيز الاندماج الاجتماعي، وهو أحد أهداف هذه الخطة. ففي رأي هؤلاء، هناك مزاج عام لدى الموجودين في السلطة بعزل المناطق والطوائف بعضها عن بعض، بحيث يكون لكل مذهب مدارسه ومعلّموه وبرامجه وبلدياته وجامعاته. وهذه آفة اجتماعية لبنانية بامتياز، تقول بعلبكي، و«لا قيمة للحديث عن تربية على مواطنة بلا طعم أو رائحة أو لون».
أما الكلام على ربط المدارس بشبكة الإنترنت، فيسمعه المتابعون للشأن التربوي منذ 15 عاماً، ويقرأون على الورق عن مكننة العمل في إدارات المدارس الرسمية ووزارة التربية وفي غيرها من المرافق. أما في الواقع، «فلا تشبيك، ومكننة ناقصة، وعمل إداري روتيني لا يسمن ولا يغني من جوع».

التنظيم النقابي في صلب تمهين التعليم

نصل إلى تمهين التعليم، وهو قضية مطروحة إقليمياً وعالمياً. لكن ماذا يعني ذلك؟ إنّه جعل التعليم حرفة تحافظ على مستواها وتتطور مع تطور طرائق التعليم وأساليبه عالمياً. لكنه يعني، قبل أي شيء آخر، تعزيز مكانة المعلم اجتماعياً ووظيفياً، تقول بعلبكي، «فعندما يعود الأساتذة إلى موقعهم على السلّمين الوظيفي والاجتماعي، يشعرون بالأمان والاستقرار، فينطلقون إلى مزيد من الحرفية والتطوير التربوي».
كذلك، تدعو النقابية مجلس الوزراء إلى تعديل ما جاء في الخطة، بشأن تمهين التعليم، لجهة «إعطاء حق التنظيم النقابي للمعلمين في القطاع العام والاعتراف بنا كنقابة».
تسأل: «ما هذه المفارقة العجيبة؟ ممنوع علينا إنشاء نقابة ومسموح لنا الانتساب إلى الأحزاب!».
ومن التربويين من يفضّل عدم ربط نظام الحوافز الذي تطرحه الخطة بالرواتب، على خلفية أنه ليس في المساءلة شيء دائم، والمكافأة محددة في وقت معين، وليست مستمرة إلى الأبد. لكنّ تربويين آخرين يقرنون الحوافز باحترام مبدأ التدرّج، إذ يجب أن يحفَّز من يقوم بعمل أفضل، بمعزل عما إذا كانت خلفه واسطة أو تيار أو حزب أو حركة.
مبدأ التدرّج هذا حاولت الحكومات المتعاقبة منذ التسعينيات ضربه لمصلحة التعاقد الوظيفي. ولمّا فشلت في ذلك بسبب الموقف الصلب لرابطة أساتذة التعليم الثانوي وموقف النقابيين التربويين، سعت، بحسب بعلبكي، إلى الالتفاف عبر ضرب التدرّج الوظيفي كل سنتين؛ ففي البداية، كانت الدرجة تعادل نحو عشر الراتب، وانحدرت إلى 3.8% من الراتب. وعندما طالب النقابيون بأن تصبح الدرجة 5% من الراتب، أعطوهم 5% من قيمة الدرجة. فأي تدرّج هذا؟ تسأل بعلبكي. وتجيب: «إنّهم يجمّدون رواتب الموظفين ويتكلمون على تمهين التعليم وحرفيّته!».
على صعيد ترشيد توزيع الكادر التعليمي، يتمنى التربويون لو أنّ المسؤولين يرفعون الغطاء السياسي والمحسوبيات في هذا التوزيع لمصلحة توزيع موضوعي مدروس.
ويؤكدون، في ما يتعلق بالإدارة المدرسية، أنّه لا يمكن الفصل بين الإدارة التربوية وملاك التعليم: «فلا مدير جيداً إذا لم يكن معلماً جيداً ولا مدير جيداً إذا لم يتسلّح بالمعرفة الإدارية اللازمة».
هنا، تؤيّد بعلبكي ما ورد في الخطة لجهة توصيف المهن التربوية وتحديد المؤهلات اللازمة لها، مع التنبيه إلى أهمية أن يكون ذلك ضمن ملاك التعليم، «فلا يجري إسقاط مديرين على الثانويات لا يعلمون شيئاً عن التعليم ولم يدرّسوا في حياتهم، فشهادة الاختصاص الجامعي لا تغني عن الخبرة التعليمية في الثانويات والمدارس».
ويقف المعلمون الرسميون مع إدارة استراتيجية حقيقية ترفع فعالية القطاع التربوي وتحدّثه وتعمل على بناء الموارد البشرية وتستقطب كفاءات جديدة، على أن تؤدي الدولة دورها في الإشراف على التعليم الخاص الذي استقالت منه حتى الآن، ويوافقون على كل ما من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض نسب التسرّب والحراك الأكاديمي بين التعليم العام والتعليم المهني.
أما بالنسبة إلى التطوير المؤسساتي، فلم تجد بعلبكي مناصاً من الإشارة إلى توحيد المرجعيات التربوية وتوصيف مهماتها بدقة، بحيث لا يزدحم على باب الأستاذ في صفّه التفتيش التربوي والتوجيه والإرشاد والمدرّبون والمنسّقون والمديرون.
وفي ما يخصّ تطوير المناهج، تؤكد أنّها مع الخطة لجهة وضع معايير لتأليف الكتاب المدرسي وإنتاجه وإيجاد آليات لتقويمه والحرص على نشر أدلة معلم جيدة.

القطاع الخاص غائب

«المناهج هي المكان الوحيد الذي يشارك فيه القطاع الخاص»، يقول د. كامل دلّال، مدير الشؤون التربوية في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، إذ يتمثل هذا القطاع في بعض المؤسسات التربوية التي «لها سلطة استشارية لا تقريرية». لكنّ خطة التعليم العام ما قبل الجامعي تغفل، بحسب دلّال، دور التعليم الخاص الذين يخدم بين 50 و70% من تلامذة لبنان، ولا تلحظ أي تطوير لهذا التعليم، ولا سيما المجاني منه «الذي تسهم الدولة في إضعافه بسبب التأخّر في دفع المساهمات، فآخر دفعة حصل عليها كانت في عام 2005ـــــ2006». يدعو الرجل الدولة إلى إعادة النظر في دعم المدرسة الخاصة المجانيّة نموذجاً ناجحاً يحتذى ويوفّر على الدولة، ومن شأن ذلك، أن يُعزّز، في رأيه، سياسة التنافس الإيجابي.
ويرى دلّال أنّ انخفاض أعداد تلامذة المدرسة الرسمية بين عامي 2004ـــــ2005 و2008ـــــ2009، مقابل زيادة أعداد التلامذة في المدارس الخاصة، رغم المساعدة السعودية والإعفاء من الرسومـ يدل بوضوح على التراجع في نوعية التعليم في المدرسة الرسمية.
يرفض دلّال الدخول في نظرية المؤامرة لدى سؤاله عمّا إذا كان إضعاف التعليم الرسمي مقصوداً، لكنّه كان يتوقع أن ينعكس برنامج التدريب المستمر للأساتذة، في حال وجود آليات لمتابعته، على نوعية التعليم الرسمي.
ويتوقف عند بعض الأرقام القاتمة، منها الكلفة السنويّة المرتفعة للتلميذ في المدرسة الرسمية التي تراوح بين مليونين وثلاثة ملايين ليرة لبنانية، ونسبة التلامذة إلى المعلمين تبلغ 8 تلامذة لكل معلم، مقابل 11 في الخاص و19 في الخاص المجاني.
ويستغرب أن تبلغ نسبة المعلمين الذين لا يملكون شهادات جامعية 54.5% من المعلمين، فيما تفرض الدولة شروطاً قاسية على المدارس الخاصة المجانية، فلا تسمح بتوظيف أي معلم لا يحمل إجازة تعليمية. ويلفت المقاصدي إلى خطورة ارتفاع متوسط عمر الأساتذة في المدرسة الرسمية الذي يبلغ 58 سنة.

هناك مزاج عام بعزل المناطق بحيث يكون لكل طائفة مدارسها ومعلّموها
لكنّ الأرقام المطروحة لا تميّز عموماً بين التعليم الأساسي والتعليم الثانوي، تقول بعلبكي، سواء بالنسبة إلى التأخر أو نسبة التلامذة المعيدين أو نواتج التعليم. فالمقارنة الأساسية هي بين التعليم الرسمي ككل والتعليم الخاص ككل.
وتنتقد أحد الأرقام الذي يشير إلى أنّ ثلث التلامذة في التعليم العام والباقي في التعليم الخاص، و«هذا صحيح، لكن في المرحلة الثانوية هناك 52% من التلامذة في الثانوية الرسمية و48% في الثانوية الخاصة. وفي النتائج، يحقق التعليم الرسمي نسباً متساوية مع الخاص، علماً بأنّ الثانويات الخاصة تغربل تلامذتها ولا تبقي إلّا الجيدين في الصفوف النهائية».
ومنعاً لما يسمّيه دلّال الالتباس في إشراك القطاعين في النهوض التربوي وإهمال دور القطاع الخاص، يدعو إلى هيئة عليا للتربية والتعليم تقونن الشراكة.

الحكم استمرار

بينما يؤكد دلّال أنّ تغيير الوزراء يؤثر على سير الخطط التربوية، تشير عايدة الخطيب، رئيسة رابطة المعلمين الرسميين في بيروت، إلى التصرّف بذهنية الحكم استمرار، إذ ليس هناك مبرر لأن ينسف أي مسؤول ما فعله المسؤول الذي سبقه. لم تدخل الخطيب في تفاصيل الخطة الاستراتيجية، بل اكتفت بتسجيل بعض الملاحظات العامة، داعية إلى عدم اعتماد الانتقائية في اختيار مصادر التمويل، وألا تكون حجّة لاستفادة البعض. هنا، تشرح الخطيب كيف «كانت الوزارات السابقة تغفل المطالب التربوية في مذكراتنا، لكونها مكلفة أكثر من الدرجات والمطالب النقابية!». تخشى الخطيب أن يؤدي عجز صناديق المدارس الرسمية عن تنظيم النشاطات الصفية وتطبيق مواد المسرح والرياضة إلى تمييز داخل التعليم الرسمي نفسه!


استراتيجيات وخطط وبرامج ومشاريع... ماذا عن التنفيذ؟

مليون تلميذ، رقم تنطلق منه استراتيجية وزارة التربية وخطتها لتطوير التعليم العام ما قبل الجامعي، لتقول إنّ التربية تعني كل لبناني. الاستراتيجية تستند إلى إحصاءات تعود إلى العام الدراسي 2007ـــــ 2008. وتظهر الجداول البيانية نسب توزع التلامذة على قطاعات التعليم كالآتي: 81% (التعليم العام ما قبل الجامعي)، 15% (التعليم العالي)، و4% (التعليم المهني والتقني).
فالتعليم الرسمي يستقطب 33% من التلامذة، بينما يذهب 14% إلى القطاع الخاص المجاني و53% إلى التعليم الخاص غير المجاني. أما نسبة التلامذة لكل معلم فهي 7.7% في الرسمي، 11.5 في الخاص غير المجاني، و19.1% في الخاص المجاني.
اللافت أنّ نسبة المباني المدرسية التي تملكها الدولة لا تتجاوز 39%، فيما تبلغ نسبة المباني المستأجرة كملك خاص 40% مقابل 15% من الأبنية تقدمة ملك خاص و4% تقدمة ملك البلدية و1% مستأجرة من البلديات.
هكذا، تعكس الاستراتيجية واقعاً قاتماً للتعليم الرسمي، ولا سيما حين تتحدث عن تدني مستوى أداء التلامذة في لبنان مقارنة بنظرائهم في العالم. تقر باتساع فارق الأداء بشكل كبير بين المدارس الرسمية والخاصة، ما يؤدي إلى تدني نسب الالتحاق بالمدارس الرسمية. يأتي ذلك نتيجة تدني مؤهلات الكادر التعليمي والإداري وعدم تطابق اختصاصات المعلمين مع الحاجات المطلوبة، إضافة إلى غياب البيئة التعليمية المناسبة من مبانٍ وتجهيزات، وعدم مطابقة الأنظمة الإدارية والتنظيمية للقطاع مع متطلبات التطوير.
ويؤدي ارتفاع نسب التأخر الدراسي ونسبة التلامذة المعيدين إلى هدر في الإنفاق على التعليم، ما ينعكس سلباً على الإنتاجية الاقتصادية نتيجة خسارة التلامذة سنوات من حياتهم المنتجة وتسربهم من المدرسة بمستوى متدنٍ من المؤهلات. هنا، يبدو لافتاً أنّ الإنفاق على التعليم الرسمي غير فعال نسبياً نتيجة عدم التوزيع الجيد للموارد وارتفاع في أعداد المعلمين.
أما قوانين إدارة قطاع التربية فتعود إلى عام 1959، مقابل غياب نظام فعال للتخطيط وأنظمة المعلوماتية ومصادر المعلومات الموثوقة.
وتعزو الاستراتيجية تدني مستوى مؤهلات المعلمين إلى غياب القوانين الملائمة لتوظيفهم. وسبب ارتفاع نسب المعلمين المتعاقدين هو غياب الأطر التي تضبط التعاقد. وعلى الرغم من ارتفاع أعداد المعلمين نسبياً، هناك نقص كبير في هذه الأعداد في مواد محددة ومناطق معيّنة. وهذا يعود، كما تقول الخطة، إلى عدم ملاءمة نظام الحوافز مع متطلبات التطوير التربوي، وغياب نظام فعلي لتقويم أداء الكادر التعليمي.
وفي بند تطوير المناهج، إشارة إلى غياب آليات للمراجعة الدورية للمناهج، عدم وجود معايير واضحة لأسس تأليف الكتب المدرسية وإنتاجها وتقويمها، عدم توافر منهج لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كوسيلة تعليمية، رغم وجود أكثر من 12 مبادرة في هذا المجال في نحو 450 مدرسة رسمية.
على صعيد آخر، يركز الإطار العام للاستراتيجية الوطنية للتربية على خمسة محاور: تعليم متوافر على أساس تكافؤ الفرص، تعليم جيد نوعي يسهم في بناء مجتمع المعرفة والاندماج الاجتماعي والتنمية الاقتصادية وإدارة الشأن التربوي.
أما خطة تطوير التعليم العام ما قبل الجامعي فتقوم على تنفيذ هذه المحاور عبر مجموعة من البرامج منها: تعميم رياض الأطفال، عبر زيادة نسبة الأطفال الملتحقين بها من الفئة العمرية 3ـــــ5 سنوات، ضمان المتابعة والنجاح من خلال خفض نسب الإعادة عبر وضع آليات للمعالجة وتطبيقها، وتوفير البنى التحتية بتوزيع ملائم وعادل للمنشآت المدرسية في المناطق كلها.
أما تمهين التعليم والإدارة فيكون عبر تعزيز التنمية المهنية للكادر التعليمي (معلمون ومديرون) وترشيد توزيعه في المدارس الرسمية، بينما يرتكز تحديث الإدارة المدرسية على تحديث الأنظمة وتفعيل الإدارة المبنية على التخطيط، فضلاً عن تطوير المناهج بما يتوافق مع الاحتياجات الوطنية والتوجهات العالمية.
كذلك، فإنّ النتائج المرجوة من برنامج التربية على المواطنة هي تعزيز هوية التلميذ الوطنية ومسؤولياته المدنية. وهناك دعوة إلى استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في صلب العملية التعليمية وتوصيف المؤهلات الضرورية للمهن التربوية. ويطمح برنامج التطوير المؤسساتي إلى تعزيز العمل بين الوحدات لتقديم خدمة أفضل للمواطنين، دعم وضع السياسات وأخذ القرارات التربوية، وتقويم البرامج من خلال مؤشرات تربوية.
وحدّدت الخطة مدة زمنية متوقعة لتنفيذ المشاريع المرافقة للبرامج بين عامي 2010 و2015.
وبالنسبة إلى مصادر تمويل برامج تطوير التعليم العام، بلغت كلفة البرامج لخمس سنوات 262 مليون دولار. ويتبين أن القيمة الإجمالية المتوافرة من مؤسسات ودول مانحة تساوي 102 مليون دولار. أما القيمة المعقودة في موازنة التربية فهي 20 مليون دولار، فيما لا تتوافر القيمة المطلوبة لاستكمال البرامج، وهي 60 مليون دولار.