صيدا ــ خالد الغربيحلّ التوافق في انتخابات بلدية صيدا. فرح الصيداويون، لكن، ليسوا جميعاً فرحين. فثمة من «يزعجه» هذا التوافق، لا لـ«عيب في شخص المتوافق عليه لرئاسة البلدية محمد السعودي، بل لأن التوافق حرمنا قرشين حلوين»، يقول السائق محمود العابد. عدم حصول انتخابات في المدينة لم يرُق العابد، فنسمعه يقول: «يلعن أبو هالحظ، ويلعن أبو التوافق، كنا نمنّي النفس بأن نلحس إصبعنا بهالانتخابات، على الأقل كنا استفدنا بشي قرشين». يؤيد مسؤول إحدى لجان الأحياء الانتخابية التابعة لطرف صيداوي ما قاله العابد. هو معترض على الحال التي وصلت إليها صيدا، لكنه لا يجرؤ على ذكر اسمه لأنه «موظف بالدولة». رغم إيمانه بالتوافق، إلا «أن هذا التوافق حرمنا ثلاثين ألف دولار»، وهو الرقم الذي كان يتقاضاه مسؤولو اللجان خلال الحملات الانتخابية، و«جلّه يذهب إلى الجيبة». حرمانه هذا المبلغ، دفعه إلى القول: «يا خيّي أنا مصلحجي وانتهازي وضد التوافق، بدنا انتخابات، بدنا نستفيد وفخّار يكسّر بعضه». على ما يبدو، إن التوافق أطاح «الموسم» الذي كان يتمنى البعض مجيئه من خلال الانتخابات، وخصوصاً أن «هناك كتلة مالية ضخمة كانت تنفق في الانتخابات الصيداوية السابقة لجذب الأصوات عندما كان هناك انقسام سياسي في المدينة»، يقول أحدهم. ويشير محمود شعبان، العامل في مؤسسة للتدقيق المالي، إلى أن «بعض التجار والنافذين عادة ما ينتظرون الانتخابات في صيدا كموسم وفرصة نادرة، لأنها تعزز الدورة الاقتصادية وتحرك كل قطاعات الإنتاج الراكدة». هناك منافع من جهة أخرى أيضاً، إذ يلفت شعبان إلى أن «البعض يستفيدون من تأجير السيارات والحصول على قسائم محروقات، إضافة إلى الإكراميات من المهرجانات الانتخابية وأكل وشرب وعصير ومياه وسندويشات وتي شارتات». يضيف شعبان: «حتى نسمة الهواء يصبح لها ثمن، وكل خدمة تقدم بأثمان مالية مضاعفة عن ثمنها الحقيقي». أما مروان محسن، فيشير إلى أن «غياب المعركة في صيدا دفع بالأطراف المعنيين في المدينة الى إحكام حنفية التقديمات الاجتماعية وإقفالها، فلم نشهد راهناً تسديد القوى السياسية لفواتير المياه وفواتير الكهرباء أو فواتير المستشفيات العائدة إلى المواطنين، ولا حتى دفع فواتير دفن الموتى، وكلها مسائل كانت تجري في مواسم انتخابية سابقة». كل هذا دفع «الفقراء» الصيداويين إلى الانقلاب على التوافق الذي حرمهم لقمة العيش الموسمية، ومنهم أبو علي. يتحسّر أبو علي على «أيام الانتخابات»، لاعناً «أبو الحظ»، مضيفاً: «لو صارت الانتخابات البلدية، لكنت قد وفيت ديوني وشتّت السما عليّ مصاري، بس يا حسرة ضربَنا التوافق».