كثيرة هي ورش العمل التي تُعقد للمطالبة بحقوق الفلسطينيّين الاجتماعية ومنها حق العمل. يحضر هذه المؤتمرات الأشخاص أنفسهم، وهم بدأوا التململ، مطالبين إمّا بالتوجّه إلى أناس جدد، أو تعميق الطروحات
قاسم س. قاسم
«الناس الموجودين همّ نفسهم اللي بيكونوا بجميع ورشات العمل المتعلقة بحقوق الفلسطينيين، بعتقد لازم نتوجه لناس تانيين مش عارفين عن الموضوع، لأن أغلب الحضور صار متخصص بهذا الشأن من كثرة الندوات اللي حضرها»، قالت ليلى العلي، منسقة لجنة حق العمل للاجئين الفلسطينيّين. عبارة أوضحت المشكلة التي أصبحت تعانيها هذه المؤتمرات التي تعقد للمطالبة بالحقوق الاجتماعية لأبناء المخيمات. إذ إن معظم المشاركين فيها من جانب المنتدين أو الحضور أو الصحافيين، هم ذاتهم، ما جعلهم متخصّصين بهذه الحقوق التي يعرفون حيثياتها بالتفاصيل، بل يمكن القول أكثر من ذلك إنهم أصبحوا شبه حقوقيّين، وذلك لاطّلاعهم المعمّق على القوانين التي يُمنع اللاجئ بموجبها من العمل، إضافةً إلى اطّلاعهم على مشاريع القوانين ومسوداتها المتعلقة بتعديل قانون العمل وإلغاء مبدأ المعاملة بالمثل، الذي أنهك الفلسطيني الذي لا يملك دولة. هكذا، نظّم معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية، ورشة عمل تحت عنوان «عمالة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان: واقع سوق العمل في الإطار السياسي والقانوني» في قاعة «الوست هول» في الجامعة الأميركية. معظم الحضور هذه المرة كان من الأجانب، حتى الوكالات العالمية للأنباء كانت حاضرة بدورها، مثل مراسل وكالة «شينخوا» الصينية في لبنان. برنامج الورشة كان طويلاً، بدأ الساعة 8 صباحاً واستمر حتى الرابعة عصراً. محاور ورش العمل كان كل واحد منها يصلح لتكون ورشة عمل قائمة بحد ذاتها، لذلك ضُغطت كلها واختُصرت في يوم واحد فقط. هكذا، غاب معظم المحاضرين الذين ذُكرت أسماؤهم في برنامج الورشة، والذين كان من المفترض أن يتحدثوا عن مواضيع مثل «مناقشة الخيارات المتوافرة لأصحاب القرار»، ومقاربتهم لحقّ عمل الفلسطينيين. أربك هذا الغياب المنظّمين، الذين عملوا على دمج بعض الجلسات بعضها ببعض، لكن رغم الملاحظات فإنّ ورشة العمل هذه لا يمكن إلا إضافتها إلى سابقتها، التي كانت تنظّمها المنظمات الأهلية الفلسطينية والفصائل للعمل على تحصيل بعض الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين. هكذا، في الجلسة الأولى من الورشة وتحت عنوان «العقبات الإدارية والقانونية» التي تواجه الفلسطيني، تحدّثت إيمان خزعل، ممثلة وزارة العمل في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، عن قرار الوزير الأخير، الذي رأت فيه أنه يدفع إلى تحسين وضع اللاجئين، وخصوصاً لجهة السماح لهم بمزاولة مهن عدة. كلام دفع أحد الموجودين إلى القول «يا ست ايمان انت، عم تجمّلي الوحش، احنا ما بدنا ترخيص عمل، احنا بدنا الغاءه» يقول. كذلك تحدّث هملقارت عطايا عن المشاكل القانونية التي تواجه الفلسطينيّين، وعن مشاريع القوانين التي ستسمح لهم بالعمل. ثم دار نقاش حول تحرير عقد العمل من سلطة رب العمل، وتخفيف الإجراءات التي تواجه الفلسطيني للحصول على إجازة العمل. أمّا

الفلسطينيون اصبحوا يسخرون ممن يملأ استمارة (مروان طحطح)
في الجلسة الثانية، فتحدّث مازن الغزيري، ممثل نقابة الممرضين في لبنان، عن الإجراءات التي تنوي النقابة اتخاذها لتسهيل ضم الممرضين الفلسطينيين إلى النقابة. ثم انقسم المشاركون إلى مجموعتين، إحداهما تولّت النقاش بشأن «الخيارات المتوافرة لصنّاع القرار»، ومجموعة أخرى بشأن «إنتاج جداول عمل للأبحاث». تحدّثت سميرة صلاح عن الخيارات المتوافرة لصنّاع القرار، لتعيد التذكير بالخطوات التي اتّخذتها منظمة التحرير الفلسطينية، وتحالف القوى لصياغة ورقة عمل موحّدة لتقديمها إلى المجلس النيابي لإقرار حق العمل للاجئين الفلسطينيين. وفي مداخلة لممثل منظمة التحرير د. ادوار كتورة قال إنّ «غياب الإرادة السياسة للحكّام اللبنانيين هو ما يمنع إقرار هذه الحقوق، إذ إنّ ما يقال لنا هو عكس الإجراءات المتخذة على أرض الواقع». يضيف كتورة: «أنا عايش هون حد الجامعة الأميركية ومش بالمخيمات، ومع هادا عندي نفس مخاوف ولاد المخيم». واتفق الحضور على تأليف فرق مناصرة لمشاريع القوانين التي تنوي الجمعيات والمنظمات تقديمها للمجلس النيابي ولوزير العمل بطرس حرب. أمّا بالنسبة إلى الأبحاث، فأجمع الحضور على أنّ أبناء المخيمات تعبوا من هذه الدراسات التي تقوم بها جمعيات حالما يصلها تمويل حتى تلجأ إلى العناوين المعروفة، «الناس صاروا يستلموا اللي عم يعبّي استمارة، وبعضهم يعطي إجابات خاطئة، لأنهم زهقانين من الإحصاءات كلها» تقول سميرة صلاح.