رضوان مرتضى يرتفع منسوب التفاؤل لدى دركيّي قوى الأمن ومجنّديها المتعاقدين مع كل موعد يحدّد لاجتماع مجلس القيادة. يمنّي هؤلاء النفس بأن الساعة قد حانت، وسيُزفُّ إليهم قرار التثبيّت فور انتهاء الاجتماع، لكنّ «منسوب التفاؤل» هذا لا يلبث أن يتبدّد عند خروج القادة من اجتماعهم، دون أن تتضمّن بيانات الاجتماع أو تصريحات المسؤولين الأمنيين أية التفاتة إلى وضع هؤلاء المجندين.
ينخفض منسوب ليرتفع مقابله آخر، ترتفع آلاف الأصوات في المؤسسة التي تطالب بلفتة نظر لتسوية أمورهم، وترتفع معها نقمة المجنّدين المتعاقدين على المؤسسة، التي يُفترض بها أن تكون الحاضنة لأفرادها، لكنّها تصبح بنظر هؤلاء مخيّبة لآمال عقدوها، إذ إنّها أطاحت أحلاماً بنَوها، فأطاحها غموض المصير.
وفي هذا السياق، يتساءل أحد المجنّدين المتعاقدين: «هل سنبقى أم سنرحل؟»، تساؤل يشير إلى تأكيد حالة التخبّط التي يعيشها هؤلاء بشأن مصيرهم إن لم يجرِ تثبيتهم.
«كل مرة يطير الاجتماع» يقول أحد المجنّدين، ويضيف «وإذا عُقد يتجاهل الضبّاط مسألة تثبيتنا».
مجنّد آخر يوصّف الحالة من زاويةٍ أخرى، فيرى أن «الضباط يهملون مسألة الدركيين المتعاقدين والمجنّدين الممددة خدماتهم لأنها ليست أولوية بالنسبة إليهم».
كذلك يسأل دركي آخر: «هل تعتقد أن الضباط يهتمون؟».
رغم حالة اليأس التي تعكسها الأسئلة التي يطرحها المجنّدون، ورغم الإحباط الذي يرخي بثقله على شريحة الدركيين والمجنّدين المتعاقدين، يستمر هؤلاء في طرح الأسئلة رغم علمهم «بأنها لن تجد آذاناً صاغية»، باعتبار «أن الغريق يتعلّق بقشة»، حسب تعبير أحدهم. ومع أنهم يتململون من التجاهل والإهمال الذي يقاسونه في ظل الوضع المعيش، يردّ هؤلاء العقدة إلى مسائل سياسية عالقة بين الضبّاط
القادة.
التجاهل والمسائل السياسية العالقة التي يُحكى عنها، ليست مستغربة بالنسبة إلى كثيرين، ولا سيّما أن المؤسسة عوّدت اللبنانيين، وتعوّدت، أن تكون مادة سجال خلال الأعوام الأخيرة بين المعارضة والموالاة. وفي هذا السياق، يعلو صوت أحد المجنّدين متّهماً مرجعيات دينية وطائفية بإعاقة تثبيت المجنّدين لأسباب طائفية، وأن تلك المرجعيات تشدّد على «حتمية» التوازن الطائفي.
إذاً، ترتفع أصوات نحو 9000 دركي متعاقد ومجنّد ممدّدة خدماتهم، حيث تؤرق هؤلاء هواجس كثيرة، فهم لن يتقاضوا تعويضاً عن سنوات الخدمة بلا تثبيت، ولا يستفيد ذووهم من التقديمات الطبية، وتُحرم زوجاتهم الاستفادة من التقديمات
الطبية.
يروي أحد المجنّدين الممددة خدماتهم، وهو تزوّج بعد تعاقده مع قوى الأمن، أنّ مسؤولين في مديرية قوى الأمن الداخلي طلبوا منه توقيع ورقة موافقة على أن زوجته لن تستفيد من استشفاء قوى الأمن. وفوق كل ذلك: ماذا سيفعلون إذا لم يجر تثبيتهم؟
لقد صدر قرار عن مجلس الوزراء سمح لقوى الأمن الداخلي بتثبيت نحو سبعة آلاف منهم مع مراعاة «التوازن»، لكنّ مجلس قيادة المؤسسة اختلف على الأعداد لأسباب مذهبية. منذ ذلك الحين، لم يعد المجلس يناقش قضية المجنّدين، علماً بأن عدداً من الأمور تفرّع عنها، كالمجنّدين والمتعاقدين الذين يريدون فسخ عقودهم لأنهم يريدون الحصول على وظائف خارج السلك، أو يريدون السفر، إلّا أنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب عدم تمكّن مجلس القيادة من الاجتماع.
في هذا الإطار، وجّه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي رسالة تطمين عبر «الأخبار»، بعدما أكّد أن مسألة تثبيت المتعاقدين ستسوّى. وذكّر اللواء ريفي بأن قضية تثبيت الرتباء وردت في البيان الوزاري للحكومة الحالية من دون وضع أيّ قيود على ذلك.
كذلك أشار ريفي إلى أنّ العمل جارٍ على هذه المسألة بالتنسيق مع وزير الداخلية، الذي يسعى إلى حل هذه القضية بأسرع وقت ممكن.
اللواء ريفي قال لـ«الأخبار» إنّ الدفعة الأولى من المجنّدين المتعاقدين سينتهي عقدها مع بداية شهر أيار.
وفي هذا السياق، أكّد ريفي أن المسألة ستكون قد سوّيت قبل ذلك التاريخ، وسيُثبّت الجميع.
يذكر بأن التعطيل في مجلس القيادة بدأ مع الاجتماع الذي دعا إليه اللواء أشرف ريفي، لتحويل المعلومات من فرع إلى شعبة، ومنذ ذلك الحين لم يتغيّر شيء. الانقسام حول الفرع ـــــ الشعبة ما زال قائماً، وما زال 23 ألفاً من عناصر قوى الأمن الداخلي ضحية هذا الخلاف. يكادون يدفعون ثمنه
يومياً.
من جهة ثانية، يرى أحد أعضاء مجلس القيادة أن قضية تثبيت المتعاقدين تندرج ضمن القطعات المستحدثة، وقضية فصل الضباط والتشكيلات، وفسخ العقود، وأن هذه الأمور ستُحلّ في سلة واحدة، لكنّ المسؤول يلفت إلى أنه يمكن حل مسألة المجندين ـــــ أو إحدى المسائل الأخرى ـــــ إذا طلب وزير الداخلية زياد بارود
ذلك.