طرابلس ــ عبد الكافي الصمدورداً على سؤال وجهته إليه «الأخبار»، أوضح وردة أن مشروع الإرث الثقافي «دُرس مع نخبة من المهندسين بغية الحفاظ على معالم طرابلس الأثرية، ولا يهدف إلى تغيير عراقة وجهها الحضاري وأصالته، بل هو للحفاظ على إرثها الثقافي بأفضل وأجمل ما يمكن»، مشيراً إلى أن «تنفيذ المشروع يسير نحو الأمام بلا عراقيل كبيرة، وإنْ كان الأمر لا يخلو من صعوبات صغيرة يمكن حلها».
حملة الدفاع عن المشروع تولّاها أيضاً رئيس بلدية طرابلس رشيد جمالي، الذي عقّب على كلام وردة بأن المشروع «يهدف إلى إعادة رونق المدينة التاريخية وجمالها لا تبديل معالمها، ونحن نرمّم هذه المعالم بحسب المواصفات العالمية للحفاظ عليها كما كانت، وليس هناك تعديلات ولا تحويلات، بل سنحافظ على شوارعها وأزقّتها التاريخية وآثارها كما كانت»، مشيراً إلى أن المشروع «يحتاج إلى تمويل إضافي كنا قد طلبناه من البنك الدولي، ونأمل أن تُضاف إليه مبالغ مالية لاستكمال تفاصيل لم تكن ملحوظة في الدراسات».
غير أن رئيس لجنة الآثار والتراث في البلدية، خالد تدمري، أوضح لـ«الأخبار» أن هناك «أخطاءً وثغراً كثيرة في التنفيذ لا تنال رضى المهندسين، لدرجة أنه بعد سنتين على بدء العمل بالمشروع يبدو كأنه ما من شيء منجز كما يجب، فالأعمال لا تراعي المعايير التراثية لا في أشكال الأبواب ولا الرفاريف مما يغيّر في هوية المدينة. عدا وجود فضيحة كبرى في تنفيذ أبواب الخشب، التي قيل إنها مصنوعة من القطران باب أول، فإذا بها من الباب الثالث، مع ما يعني ذلك من هدر مالي قيمته نحو150 ألف دولار أميركي».
وأوضح تدمري أن «أيّ اعتراض يبدر على أشغال المتعهدين يقابَل بتلويح أن ذلك سيوقف المشروع، لدرجة أنني كمعنيّ بالأمر لم أُبلغ موعد زيارة الوزير، ولم أُدعَ إليها»، معتبراً أن «الكلام عن أن المتعهدين لا يفهمون ما يريده المهندسون، ما يجعلهم يطبّقون الأمور تطبيقاً خاطئاً هو كلام سخيف»، سائلاً: «لماذا يفهمون ما يريده المهندسون في باقي المدن اللبنانية ولا يفهمون هنا؟»، موضحاً أن «هناك دفتر شروط يجب الالتزام به، لكنْ ثمّة تقصيرٌ من البلدية، ومن مديرية الآثار في الإشراف على الأشغال».
وقد تفقّد وردة قلعة طرابلس، واطّلع على مشروع المتحف الذي سيقام فيها. أمّا محطته الأخيرة، فكانت نموذجية بالنسبة إلى وضع المباني التاريخية في عاصمة الشمال. ففي حمام عز الدين «اكتشف» الوزير أن المبنى الذي انتهت أعمال ترميمه وتأهيل ساحته بعد تبليطها، والذي يتوقع تحويله إلى متحف عن تاريخ الحمامات، إنما يعاني من النش والرطوبة. وحينما سأل عن السبب أوضح جمالي له أن «خان الخياطين الملاصق للحمام هو المشكلة، لأن الطابق العلوي من الخان، الذي تعود ملكيته إلى دار الإفتاء يستثمره شخص يؤجّر غرفه لعمال سوريين، وهؤلاء يستحمّون فيها، وبما أنه لا توجد شبكة صرف صحي فيها، يسبّب ذلك النش والرطوبة إلى الخان والحمام معاً. ولكن المشكلة أصبحت أمام القضاء، ونأمل حلها». عملية النش في حمام عز الدين إنما هي صورة تختصر واقع الأبنية التراثية في طرابلس.