خليل عيسىفي حديث من القلب إلى القلب، جذبت سهى بشارة الحضور خلال ندوة في الجامعة الأميركية تندرج ضمن فعّاليات أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي. وخلالها، قدمت المناضلةٌ رفيقة لها هي الكاتبة جين سعيد مقدسي، شقيقة المفكر الراحل إدوارد سعيد. عبّرت جين عن إعجابها بمقطع في كتاب سهى «مقاومة»، تصف فيه الكاتبة لحظة التردّد التي سيطرت عليها قبيل توجيهها المسدس نحو العميل أنطوان لحد قائلة: «هذه اللحظة تعدّ فشلاً في الحسابات العسكرية ربما، لكنّني أرى أنّها لحظة إنسانية كبيرة». دمعت عينا سهى لهذه الملاحظة، قبل أن تستأنف الحديث أمام جمهور واسع حضر للقائها. «هَيْ أوّل مرة ندعى فيها على لبنان خلال أسبوع الفصل العنصري»، لتتساءل على الملأ «منحاول نوضح بأوروبا قصص معيّنة لكن أنا شو بدي خبّر جمهور لبنان؟». تستبق سهى ما ستقوله بالتهكّم المسبّق «بيخلص هيدا اللقاء بالتصفيق وكل واحد بيروح على بيتو «لتصبح مساعدة الفلسطينين سباتاً عميقاً لا توقظه إلّا مجازر جديدة. مننتظر الضربة من إسرائيل تنتذكّر». تسأل جمهورها: «كيف ممكن نبني شي بهالبلد وأنا بطالب بحقوق هالمخلوق إذا كان بعيد عنّي 15 كلم، أمّا إذا قريب مني متر واحد ببطّل شوفه؟» يأتي الجواب أنّه «هناك أحزاب يمينية من سمير جعجع لَميشال عون بتدافع وبكل شراسة عن حق العودة، لكن بدوافع مختلفة عن تلك الكامنة وراء دفاع الشيوعي وأمل وحزب الله والباقيين. مهمتنا نخلي الدوافع وحدة». لم يفكّر أحد في التصفيق، فالكلّ كان مأخوذاً بصراحة سهى «نحنا ببلد فيش شي مش راكب إلّا هالمخيّمات. ملاحظين معي هالشي؟». لا أحد يضحك على النكتة «سطل البويا لمّا بدي فَوْتو عالمخيّم بدّي خبّر الدولة. ستين سنة ونحنا بعدنا عا سطل البويا». تسكت بعض الشيء ثم تضيف «أنا ما عم اطلب منكم تحرروا فلسطين لَأنو في مين يحررها إذا مش اليوم بكرا، ولكن إذا بدكن تبنوا بلد، ما في بلَد بينبنى بقانون عنصري بيدوم 60 سنة» تدمع عينا سهى مجدداً، وهي تتحدث عن العمليات الاستشهادية للمقاومة في فلسطين «أنا ما بسمح لنفسي قلّو للفلسطيني كيف يقاوم. ما بقدر قلّو والجلّاد عم يجلدو كيف لازم يصرّخ». تكاد تبكي حين تذكر مثلها الأعلى حين كانت في الخامسة عشرة من عمرها، المقاوم نزيه قبرصلي، الصبي الذي سرق قنبلة من والده وفجّر نفسه داخل الملالة الإسرائيلية «أنا بدين للفلسطيني بكل شي وصلتلو بلبنان لأنو هوّي اللي علّمنا المقاومة، والأم الفلسطينية اللي كانت تفوّت رصاص عالمخيّم سنة 85 لعبت دور أساسي بحماية المخيّمات». تستعرض سهى المواقف السياسية المتذبذبة حيال حقوق الفلسطينيين، التي انتهجتها في لبنان أحزاب يسارية «ولا مرّة عملت مظاهرة للقضية الفلسطينية. كلّن بيحكو منيح، بس ما في مظاهرة واحدة بتمشي. وكلنا شفنا شو صار بمظاهرة السفارة المصرية. إنّو أكلنا قتل... إيه. ورجاع كول قتلة بمظاهرة جديدة. شو فيها؟».
وسط السحر الذي يلف القاعة، أنهت سهى مداخلتها بالحديث عن المنظمات غير الحكومية «اللي هالكتنا... بفلسطين كل اثنين بيعملوا واحدة...عنّا شي ألف منّون...ال TVA عم بيزيد، تعو اعملو تحرّك اذا فيكن وكل اثنين قاعدين بعلبة لوحدن!» مذكّرة الحضور «ما حدا يفكّر انّو يتغيّر شي و هوي ما بدّو يعمل شي».