لكن المشهد ما زالت تنقصه بطلة أساسية اعتادت أن تحتل الرصيف حاملةً صورة أبنائها الأربعة: عزيز، منصور، أحمد وإبراهيم. الذين فُقدوا إبّان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
ولأن المصيبة تجمع، لم يلتفت أحد إلى غياب أم عزيز إلّا زميلتها أم محمد، والدة المفقود محمد الهرباوي. تسارع أم محمد إلى الأمين العام لمركز الخيام محمد صفا لتسأله: أين أم عزيز؟ يجيبها الرجل بحزن: «للأسف، لم تعد تقوى على الحراك، وهي لا تستطيع مغادرة منزلها في مخيم برج البراجنة».
ربما كان غياب رفيقتها القديمة في الاعتصامات، خلف زيادة نسبة المرارة في إجابة الهرباوي عن سؤال ما الذي يعنيه لها يوم المرأة العالمي، «بؤس وقهر هذا ما يعنيه لي»، تقول، مضيفةً إنها لا تريد أن يصل بها العمر إلى البقاء في منزلها عاجزة، كصديقتها، عن المشاركة في الأنشطة والاعتصامات. إلى جانب أم محمد وقفت العشرات من المعتصمات من جمعية بيت أطفال الصمود ومركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، اللذين دُعيا إلى تنظيم الاعتصام.
العلمان اللبناني والفلسطيني وصور للأسيرات في سجون الاحتلال، ولافتات تضامنية مع المرأة الفلسطينية المناضلة وعشرات الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، حضرت في مشهد الاعتصام. ثم تلت سمر جمعة، باسم المعتصمات، نص المذكرة المرفوعة إلى رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي وجّهت تحيّة إلى نساء العالم القابعات في سجون العنف والتمييز والتعذيب. وقد خصت بالتحية المرأة الفلسطينية في سجون الاحتلال «التي تعرضت، وما زالت لأسوأ صنوف التعذيب الجسدي والنفسي».
تحتفظ إسرائيل بجثامين العديد من الشهيدات
بدوره، أكد صفا أن الأسيرات معتقلات في ظل ظروف بالغة السوء، منهن من تركن أطفالهن دون رعاية، ومنهن من اعتُقلن لمجرد كونهن زوجات لمعتقلين أو شقيقات لهم، بعضهن طالبات أو قاصرات، وقد صدرت في حق بعضهن أحكام مؤبّدة كأحلام التميمي، التي حكم عليها بـ16مؤبّداً، آمنة منى (مؤبّد)، قاهرة السعدي، وهي أم لأربعة أطفال (3 مؤبّدات)، سناء شحادة (3 مؤبدات)، دعاء الجيوسي (3 مؤبدات)، وآمنة جواد (مؤبد).
ولا يقتصر الاعتقال، بحسب صفا، على الأسيرات الحيّات، بل يُحتفَظ بجثامين الشهيدات: كآيات الأخرس، ودلال المغربي، دارين أبو عيشة، وفاء إدريس، هنادي جرادات، هبة ضراغمة، وغيرهن.
جميلة شحادة من بيت أطفال الصمود دعت إلى إرسال لجنة تحقيق دولية للاطّلاع على معاناة الأسيرات الفلسطينيات والأسرى في سجون الاحتلال.