غزة ــ فادي سكيكيقولون: «اختصر في الكلام والكتابة. احذف الصفات والظروف التي لا تتبدّل معانيها واحتفظ بالفعل والفاعل والجملة». كأن تكتب أو تقول «نصلِي»، فلا داعي هنا أن تكتب أو تقول «نصلي خمس مرات في اليوم»، فالخمس مرات ثابتة ولن تصبح أربعاً. هكذا، أستطيع أن أقول «قيادتنا» من دون الإشارة إلى وجود اثنتين، واحدة في غزة والثانية في رام الله. أصلاً، القيادتان متعفنتان تفوح منهما رائحة نبيذ الوطنية ولن تصبحا قيادة واحدة. أما السبب فهو أن أعضاءها «لزقوا بالكرسي تلزيقاً» أو شعار «المواطن في سلة المهملات».
قبل أسابيع قُتل عالم نووي إيراني. وفاح الخبر في الجزيرة (العربية). ووصل للساحة (الحرة)!! واليوم حلّقت الطائرات فوق غزة ابتهاجاً، فازدادت كثافة الصلوات والدعوات «اللهم احفظنا من كل شر» خوفاً وتضرعاً لئلا يمسسْنا ابتهاج معلّب. وفي الإعلام أيضاً، أشاروا على قناة «وطنية» فضائية إلى «استنكارات ضد حماس لسعيها إلى وقف كل أشكال المقاومة». ثمة أسلوب «سقراطي» جديد يطرح نفسه حلاً لقضايا الوطن البائس.
وفقاً لما ندرس في الجامعات، فإن هناك بعض الأساليب لتدوين الملاحظات ومنها «أسلوب كورنل» و«أسلوب برنستون». ويتميز الأول بتقسيم الصفحة المخصصة للملاحظات إلى قسميْن عموديّيْن أحدهما للمفاهيم والمبادئ الأساسية والأمثلة الهامة، والثاني لكتابة الملاحظات. وأما النظام الثاني، فتقسم الصفحة فيه إلى ثلاثة أعمدة، حيث يخصص العمود الأول للأفكار الأساسية والثاني للملاحظات الملخصة والثالث للأمثلة التي تقفز إلى الذهن. هكذا، وإذا أردنا تدوين بعض الملاحظات عن «الفوضى الوطنية» للتلزيق وفقاً لأسلوب كورنل، فعلينا أن نقسم الصفحة إلى نصفين: أحدهما للهزيمة والتنازل عن المبادئ والانحدار الوطني، والثاني للنخبوية التالفة. التدوين وفق النظام الثاني لم يكن ممكناً بسبب الزحمة الوطنية الخانقة.
النتائج كانت مرضية والحمد لله. وصلت إلى القرف المنشود، بعد تدوين الملاحظات. السلطة هي السلطة ولن يغادر أحد كرسيه.
* المراجع: همّك يا وطن / سلسلة سنفورية ذهنية