المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ردّ مذكّرات التبليغ السورية، وفق تسريبات إعلامية، واللواء جميل السيد شدد على ما تتضمنه هذه الخطوة من «مخالفات قانونية جسيمة»
بيسان طي
تشهد قضية «التبليغات السورية» فصلاً جديداً، فقد بثت بعض وسائل الإعلام أخباراً «مُسرّبة» مفادها أن المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ردّ إلى القضاء السوري مذكرات التبليغ في الدعوى المقدمة من اللواء الركن جميل السيد ضد متهمين بأنهم شهود زور، أو شركاء لهم في تضليل التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
اللواء السيد رأى أن «رد القاضي ميرزا يعبّر بوضوح عن استمراره في حماية شهود الزور وشركائهم». في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للواء السيد جاء أن ميرزا إنما يرتكب ـــــ من خلال هذا الرد ـــــ «مخالفات قانونية جسيمة»، ويلفت البيان إلى أن القاضي ميرزا اعتبر التبليغات غير متجانسة مع السيادة اللبنانية «لكون جريمة شهود الزور وقعت داخل لبنان، فيما تجاهل القاضي ميرزا بأنه تنازل رسمياً عن ملف التحقيق وعن السيادة اللبنانية لصالح المحكمة الدولية في لاهاي، وأن هذه الأخيرة تنازلت رسمياً عن صلاحيتها في محاكمة شهود الزور»، وهنا يشدد البيان على أنه بعد هذين التنازلين صار «القضاء السوري هو صاحب الصلاحية القانونية في ملاحقتهم، وخصوصاً أن خمسة من هؤلاء الشهود الزور هم مواطنون سوريون، ينطبق عليهم وعلى شركائهم اللبنانيين القانون السوري، وحتى القانون الفرنسي والإسباني...».
رأى السيد أن التصرف اللبناني هدف إلى تعطيل الحوار القانوني
النقطة الثانية التي أُثيرت تتعلق بالحصانات لبعض الأشخاص المطلوب تبليغهم «كالنائب مروان حمادة»، نقرأ في بيان مكتب اللواء السيد أنّ القاضي ميرزا «تجاهل أنّ الحصانات النيابية والوظيفية لا يسري مفعولها إلّا في الداخل لبنان وليس في البلدان الأخرى، حيث إنه إذا ارتكب نائب أو قاضٍ أو ضابط لبناني جريمة ما يُعاقب عليها قانون دولة أخرى، فإنه تجري ملاحقته كمواطن عادي في تلك الدولة»، وفي هذا الإطار يورد البيان مثال «إصدار مذكرة توقيف بريطانية بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني رغم كونها رئيسة كتلة نيابية في بلدها».
وورد في البيان أيضاً أن القاضي ميرزا «ارتكب مخالفة صريحة للاتفاقية القضائية الموقّعة بين لبنان وسوريا، حيث دوره كمدعٍ عام تمييزيّ هو تطبيق الاتفاقية وتنفيذ التبليغات، وليس دوره أن يكون محامياً تجاه السلطات السورية عن مجموعة من شهود الزور وشركائهم، الذين اعترفت المحكمة الدولية بدورهم في تضليل التحقيق»، ويختم البيان بأن «القاضي ميرزا هو أحد أولئك الشركاء المُدعى عليهم في هذه الجريمة».
ما هي الوجهة التي قد تتخذها هذه القضية؟ اللواء السيد قال لـ«الأخبار» إن القضاء السوري قد يكون أمام خيارين. فقد يرى أن السلطات اللبنانية أقفلت الباب تعسفاً في وجهه، ويذهب بعد ذلك إلى اعتماد الإجراءات الغيابية، أي أن يُبلغ لصقاً على وزارة العدل السورية من يجب تبليغهم، وتصدر في حق كل منهم مذكرات توقيف غيابية، وقد يكون القضاء السوري أمام خيار آخر يتمثل بالتعليق على الكتاب اللبناني المُرسل أخيراً. وفي هذا الإطار يّذكر اللواء السيد أن ما أصدره القضاء السوري لم يكن مذكرات توقيف بل مذكرات تبليغ.
رأى اللواء السيد أن السلوك اللبناني في هذه القضية، وخاصةً عملية تسريب خبر ردّ المذكرات، إنما هو سلوك «غير لائق»، وأنه كان يجب على وزير العدل إبراهيم نجار أن يُعلم الرأي العام اللبناني بالإجراءات التي ستُتخذ في هذا الإطار. كما رأى السيد أن التصرف اللبناني هدف إلى تعطيل الحوار القانوني والعدلي أو منعه، وهو الذي كان سينتعش حول قضية التبليغات وكيفية التعاطي معه وما إلى ذلك...
أخيراً رأى اللواء السيد أن القاضي ميرزا إنما يؤديّ من خلال الخطوة التي اتخذها أخيراً دوراً سياسياً أكثر منه قضائياً.