كان على أسماء إبراهيم أن تخوض نقاشاً داخل محكمة جزائية للدفاع عن وجود فلسطين في مقرر الجغرافيا، ولتقدم البرهان على أن جهود إسرائيل الحثيثة في التطبيع عجزت عن استلاب جميع المصريين
أيمن فاضل
أنصفت محكمة الجنح الطالبة المصرية أسماء إبراهيم فبرّأتها من تهمة «البيان الكاذب». وكانت الطالبة في جامعة حلوان (كلية الآداب) قد تقدمت بمذكّرة إلى إدارة الجامعة تطالب فيها بوضع اسم دولة فلسطين محل دولة إسرائيل في كتاب الجغرافيا السياسية الذي تعتمده أستاذة هذه المادة، ماجدة محمد جمعة، فما كان من هذه الأخيرة إلا أن رفعت ضدها دعوى جزائية بتهمة «البيان الكاذب».
«اسمها إسرائيل يعني إسرائيل، يا ماما دي دولة معترف بيها من العالم كله، اللي في دماغكم دي أوهام، هي اسمها إسرائيل، وهتكتبيها فى الامتحان إسرائيل، واللي حيكتب غير كده حيسقط». هكذا، بدأ الخلاف بين الطالبة وأستاذة الجغرافيا. المشكلة ليست في الاعتراف بإسرائيل فحسب، بل إنّ ما «يزيد الطين بلة» هو أن المقرّر الذي تعتمده الأستاذة المحاضرة يضيف إلى حدود إسرائيل الواقعية جغرافياً منطقة سيناء والمملكة الأردنية ولبنان!
كذلك، أكدت الطالبة في اتصال مع «الأخبار» أن غضبها وأقرانها لا يتعلق بالسببين المذكورين أعلاه فحسب، بل مردّه أيضاً «إلى شعورنا بأن الكتاب يبدو بصيغته الحالية كأنه يتقصّد الدعاية للكيان الإسرائيلي ولنجاحه الاقتصادي».
النتيجة: رسّبت الأستاذة 70 في المئة من طلابها في هذه المادة لأنهم كتبوا فلسطين بدلاً من إسرائيل في ورقة الامتحان. عندها، رفعت أسماء إبراهيم مذكّرة لإدارة الجامعة التي لم تتجاوب، بل اكتفت بتبليغها أن رئيس الجامعة يُجري تحقيقاً مع الأستاذة جمعة، قبل أن تُحفظ القضية في ظروفٍ غامضة، إلى أن نقلت جمعة الخلاف إلى المحكمة الجزائية حيث ادّعت على طالبتها بتهمة «البيان الكاذب».
في اتصال مع «الأخبار»، نعتت جمعة طالبتها بـ«الفاشلة التي رسبت في 3 مواد، ولجأت إلى الصحافة الصفراء لتثير زوبعة، ما اضطرني إلى رفع الدعوى لأن الاتهامات التي ساقتها بحقي مغرضة وكاذبة، وبعض الأحزاب الصغيرة تشجِّعها لتصنع قضية من لا شيء. ثم إن واضع المقرر هو دكتور معروف».
والدكتور المعروف، بحسب أسماء، ليس سوى «فتحي محمد مصيلحي، زوج الأستاذة جمعة»، كما تقول، مضيفة: «أنا لم ألجأ إلى الصحافة قبل رفع الدعوى الجزائية عليّ. ثم إنني لم أرسب سوى في مادة الأستاذة جمعة».
عقدت محكمة الجنح الجزائية جلسات استماع عديدة في هذه القضية الإشكالية، إلّا أن رئيس المحكمة، القاضي المستشار عمرو حسن عز الدين، وأمين سرها مكرم عزيز، اختتماها أخيراً بالنطق بحكم البراءة لأسماء، وبتغريم الأستاذة جمعة كامل مصاريف القضية. إلّا أن القضية لم تقف عند هذا الحد، والحكم لم يقتصر على المحكمة. فمن جانبها، وانصياعاً للحملة المكثّفة التي شنّتها الحركة الطالبية في مصر لدعم موقف الطالبة أسماء وقضيتها، ومن خلالها قضية وجود فلسطين في مواجهة التطبيع الأكاديمي،
أصدرت كلية الآداب في جامعة حلوان قراراً يقضي بمنع المدرّسة جمعة من التدريس في قسم التاريخ في الكلية، وفُتح تحقيق جديد معها.
أما أسماء، فقد أكدت أنها «ستستمر في دفاعها عن القضية الفلسطينية، وعلى رأسها تحرير القدس».


أكدت الطالبة أسماء إبراهيم أن كسبها للقضية هو انتصار لوجود فلسطين على الخريطة، وأن خطوتها التالية ستكون المطالبة هي وزملاءها بتأليف لجنة لفحص كتب الأساتذة في الجامعات حرصاً على عدم احتوائها على أيّ نوع من أنواع التطبيع مع إسرائيل.