عكار ــ روبير عبد اللهيترك التغيّر المناخي وما يصاحبه من ظواهر غير مألوفة حيرةً في أوساط المزارعين، فيضيف قلقاً جديداً إلى قطاع اعتاد المفاجآت غير السارّة بسبب ما كان يطرأ من تغييرات تقليدية في الطقس. فماذا لو تبدلت أسس الروزنامة الزراعية؟
في أواخر تشرين الأول كانت أوراق أشجار الجوز تتساقط تباعاً. إلّا واحدة من تلك الأشجار في بلدة كروم عرب، أزهرت مجدداً فور سقوط آخر أوراقها. ليس في ذلك عجب، كما يقول ربيع سليمان، صاحب الشجرة، «لكنّ العجب في تحوّل الأزهار إلى حبات بدأت تكبر حتى وصلت إحداها إلى الحجم الذي تبلغه في موسمها الطبيعي في شهر أيلول. بل إنّ بعضها نضج ليصبح عصيّاً على السقوط أمام العواصف والبرد القارس».
لم تستغرب المهندسة الزراعية سمر الشعار الظاهرة، إذ إنّ بعض الأشجار تنتج مواسم خفيفة في الخريف إذا كان دافئاً. لكنّ اللافت حدوث ذلك بين شهري كانون الأول والثاني.
بعض الأشجار تنتج مواسم خفيفة في الخريف إذا كان دافئاً
أما المزارع محمود حسين من بلدة بيت يونس، فقد بات يستسهل زراعة التفاح وباقي الأشجار التي تلائمها المرتفعات العالية في منطقة القرنة، في أعالي عكار، على ارتفاع يزيد على ألفي متر. هناك لا تتأثر المنطقة كثيراً بارتفاع الحرارة بسبب شدة البرودة ولو في «عزّ الصيف». لكنّ حسين الذي يزرع في فصل الشتاء الخضار داخل البيوت البلاستيكية في سهل عكار، يشكو من تأثير ارتفاع الحرارة على الإنتاج. يقول حسين إنّ حجم شتلة البندورة يكبر بسرعة فتتباعد المسافة بين الحبة والأخرى، ما يؤدي إلى تناقص المردود وتراجعه عن المستوى المتوقّع في الأيام العادية.
وفي المناطق المتوسطة الارتفاع، باتت أشجار التفاح عرضةً للإصابة بأمراض تسبّبها حشرات لا يمنع تكاثرها إلّا تكوّن الصقيع لأكثر من 48 ساعة متواصلة، ما دفع البعض إلى الانتقال إلى زراعة الليمون. لكنّ المزارعين يعيشون تحت وطأة الخوف من عودة أحوال الطقس إلى سابق عهدها، مثلما حدث مع أحدهم في القبيّات، حيث أتلف بستان الليمون بكامله بعد 5 سنوات من غرس النصوب.
وفي سياق التقلّبات المناخية لاحظ أنطوان ضاهر، رئيس مجلس البيئة في عكار، تفتّح أكثر من 10 أصناف من الأزهار في كانون الأول في منطقة الشنبوق وكرم سباط وأحراج عكار العتيقة، علماً بأن تلك الأصناف تزهر عادةً في الأول من آذار. ويلفت ضاهر إلى أن دودة الصندل التي تنتشر في المناطق الصنوبرية باتت تتكاثر بسرعة لافتة، بينما كان ذلك في السابق يقتصر على الأحراج التي لا ترتفع أكثر من ألف متر. يتساءل ضاهر ما إذا كانت الفصول قد «زحلت». ومع ذلك يرى أنّ من المبكر الحديث عن تأثيرات حاسمة في مجال تغيّر أنواع المزروعات ومناطق زراعتها.