رامي زريقيرتكز الاقتصاد الرأسمالي على مبدأ النمو الاقتصادي المستمر بمعدّل 3% سنوياً حداً أدنى لاستدامته. إلا أن هذا الهدف يتنافى تماماً مع أسس الحياة على هذا الكوكب حيث إن الموارد الطبيعية التي تمثّل العامل الأساسي للنمو الاقتصادي هي محدودة وبأكثريتها غير متجددة. يُعدّ هذا التناقض إحدى الإشارات الأساسية إلى أن الاقتصاد الرأسمالي لا يمكن أن يكون مصيره إلا الزوال والفشل. ويبقى السؤال عما إذا كان هذا الفشل سيأتي قبل انتهاء الحياة على الأرض أو بعده نتيجة امتصاص روحها من شركات وتجار لا يعرف جشعهم حدوداً. يحتاج النمو الاقتصادي الدائم إلى من يستهلك السلع والخدمات للدفع نحو المزيد من الاستهلاك الأعمى والمكثف الذي يميّز مجتمع الاقتصاد المعولم. يأتي هنا دور شركات الإعلانات التي تمثّل خط الهجوم الأول لرأس المال. فالمجتمعات الحديثة تتعرّض يومياً لأكثر من 3500 إعلان تدفع أفرادها نحو الاستهلاك، حسب دراسة جديدة نشرها مركز كومباس البريطاني. طالبت تلك الدراسة بوضع ضوابط للإعلانات التي تدفع الناس نحو استهلاك لا يمدّهم بالسعادة وبتحقيق الذات، بل يؤدي إلى شعور دائم بعدم الاكتفاء بما هم حاصلون عليه وبعدم الرضى عن صورتهم الذاتية، ما يدفعهم للبحث عن المزيد من خلال شراء سلع ليسوا بحاجة إليها. وبذلك تصبح الرواتب كناية عن مبلغ وهمي تضعها الشركة الموظفة في حساب مصرفي لفترة وجيزة قبل أن يعاد توجيهه نحو الاستهلاك تحت ضغط الإعلانات. وكلما تكرّم أرباب العمل بزودة صغيرة، تشتد شركات الإعلانات شراسة لتجريد الموظف من مكاسبه وإعادة تدويرها في سوق الكماليات. نسأل دائماً أنفسنا عن نقطة العبور إلى النضال من أجل مجتمع أفضل، فماذا عن فتح جبهة الإعلانات والاستهلاك لصد الرأسمالية المتمددة؟