فاتن الحاج«5 أشهر ونصف شهر مرت ولم يدخل جيوبنا قرش واحد من الدولة»، يقول خالد يحيى، الأستاذ في التعليم الثانوي الرسمي، بصوت مختنق. خالد لم يعد متعاقداً، بل هو واحد من 406 أساتذة «غلطوا ونجحوا في مباراة مجلس الخدمة المدنية»، والتحقوا بكلية التربية للخضوع لدورة تدريبية، قبل أن يدخلوا ملاك التعليم الثانوي. وإذا كان بعض الأساتذة قد تنبّهوا إلى أنّ التأخير وارد بسبب الروتين الإداري الذي «تعوّدناه»، بحسب يحيى، فادّخروا بعض الأموال من الصيف، «لكن لم يخطر ببال أحد أن نكون معيّنين في كانون الثاني، وأن يأتي آذار ومش عم نقبض»، كما يقول مازن شقير.
راهن مازن كما زملاؤه على قبض مستحقات التعاقد عن العام الدراسي الماضي، وعن ثلاثة أشهر تعاقد سبقت الالتحاق بكلية التربية هذا العام، وراتب كلية التربية. «وبالتلاتة طلعنا عالفافوش»، يعلّق شقير ويشرح واقع أسرة تعيش على «التساهيل». ويسأل: «كيف يمكن أن أؤمن مصاريف أسرتي ومصاريفي في كلية التربية التي أقصدها من البقاع 3 مرات في الأسبوع؟». يتحدث الشاب عن معاناة زملاء له يضطرون إلى المجيء من أقصى الشمال، فيكلّفهم «المشوار» إلى بيروت 16 ألف ليرة.
لكن ما مشكلة مستحقات التعاقد عن العام الماضي؟ يجيب يحيى: «لا شيء، إنّه مجرد خطأ في الكومبيوتر جعل الأساتذة يخسرون مبالغ تراوح بين 500 ألف ليرة ومليوني ليرة لبنانية تتفاوت بحسب ساعات التعاقد!».

خطأ إلكتروني جعلنا نخسر من 500 ألف ليرة إلى مليونين
تطمئن عليا عباس، مديرة الصرفيات في وزارة المال، «إلى أنّ الأموال ستعود إلى أصحابها وما في شي بيروح». وتشرح أنّ المبالغ عبارة عن ضريبة الدخل (20%) التي اقتُطعت خطأً من المستحقات بسبب خلل في نظام الكومبيوتر لم يصحّح حتى الآن. ولاحظت عباس أنّ المشكلة وقعت مع المتعاقدين، لكون هؤلاء لا يتقاضون رواتب منتظمة. وتوضح أنّها وجّهت كتاباً إلى قسم البرمجة فور علمها بالخطأ، وتابعت الموضوع حتى قبل أصحاب العلاقة، ولكن «ليس هناك نتيجة حتى الآن وما فينا نعمل شي»، كما تقول. إذا سلّمنا جدلاً بأنّ الأساتذة ملّوا المراجعة بهذه المستحقات، أو «نسيناها»، على حد تعبير يحيى، فإنهم لم يتقاضوا حتى الآن من وزارة التربية مستحقات التعاقد عن الأشهر الماضية (تشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول)، علماً بأنّ مدير التعليم الثانوي محيي الدين كشلي وعدهم بذلك مع نهاية الفصل الأول.
ويبقى راتب كلية التربية، الذي تأخّر هو الآخر. والسبب، كما يقول، عميد الكلية د. مازن الخطيب إنّ نحو 38 أستاذاً من هؤلاء انتقلوا من ملاك التعليم الأساسي إلى التعليم الثانوي، وتقاضوا رواتبهم لشهر كانون الثاني عن طريق الخطأ، وبالتالي عليهم أن يعيدوا الأموال إلى الدولة. يلوّح الأساتذة بالتصعيد ما لم تُحلّ قضيتهم اليوم، كما وعد الخطيب.