خضر جعفرينتظر أهالي بلدة جوار الحشيش (الهرمل) بفارغ الصبر الانتخابات البلدية المقبلـــة لخوض تجربة جديدة لم ينجح المجلس البلدي الحالي فيها. فإلى الحرمان من المشاريع، تبرز مشكلة الفرقة التي سبّبتها البلدية بين عائلات البلدة بسبب الطريقة التي اختير فيها أعضاؤها، وانتهت إلى استقالة، اتهامات بالسرقة، وصولاً إلى الدعاوى القضائية.
حظيت جوار الحشيش ببلدية عام 2004 بناءً على مساع من حزب الله. قبل ذلك كان يتولى شؤونها النائب السابق علي حمد جعفر. وعلى الرغم من أن حزب الله كان وما زال يمثّل أكبر قوة سياسية فعلية فيها، إلا أنه استبعد من المشاركة ولو بعضو واحد في مجلسها بسبب الطبيعة العائلية التي تسيطر على البلدة، بخلاف ما تشهده بلديات مجاورة لا تخلو من حزبيين.
لم تنجُ انطلاقة عمل البلدية من التعثر، وخصوصاً أن البعض يصفها بأنها أقرب إلى مجلس أعيان، وهم جميعاً لم يسبق لهم أن مارسوا عملاً إدارياً أو نشاطاً اجتماعياً يمكّنهم من التعاطي بمسؤولية في مجتمع يحتاج إلى اهتمام تنموي من نوع خاص لتجذّر الحرمان في ربوعه. ومع مرور الوقت، كانت المشاكل تكبر بين الأعضاء إلى أن قدّم رئيس البلدية، ياسين علي جعفر، استقالته بطريقة مفاجئة أواخر عام 2008، فانتخب رضا جعفر بعده. وفيما ردّ الأهالي السبب إلى رغبة الأخير بالترشح إلى الانتخابات النيابية، أعاده هو إلى عدم قدرته على تسيير شؤون العمل البلدي «كون معظم الأعضاء غير مؤهلين لتحمّل المسؤولية في هذا المجال، ما سبب له الإحباط».
وبالفعل لم تشهد البلدة خلال السنوات الخمس أي أثر لعمل تنموي فعلي. أبرز إنجازاتها تأمين مستوعبات للقمامة في عدد من الأحياء، توسيع جوانب بعض الطرق لمسافة قصيرة وصيانة شبكة المياه. خلاف ذلك العلم عند الله، حتى أن البلدية لم تبحث لها عن مقرّ.
ولدى سؤالنا رئيس البلدية الجديد رضا جعفر عن كيفية استثمار أموال المجلس البلدي منذ استلامه له مطلع عام 2009 لم يضف جديداً. ونفى ما يتردد عن استيلاء عدد من أعضاء البلدية على أموالها، فقال: «هذه شائعات يريد مطلقوها تنفيذ مشاريع شخصية وأنا لا أتأثر بها»، مرجعاً أسباب انتشارها إلى «الخلاف على المجلس البلدي السابق ورئاسته». لكنه كشف عما تعانيه البلدية من مشاكل بقوله: «كلّ أعضاء المجلس البلدي غير متعاونين مع رئيسه».
يذكر أن قضية «المال المسروق» من البلدية كانت قد دفعت عدداً من أبناء البلدة منذ نحو شهر إلى النزول إلى الشارع وقطع الطريق وتقديم شكاوى إلى قائمقام الهرمل، لكنهم سرعان ما سحبوها بعد الاتفاق بين النافذين في العائلة على تسوية المسألة، حيث جُمّدت صلاحيات المجلس البلدي بقرار عائلي لا قانوني، ونُزع الختم من رئيس البلدية على أمل إصلاحها جذرياً في الانتخابات المقبلة. لكن عدداً من المواطنين أكملوا في طريق تقديمهم دعاوى رسمية لدى ديوان المحاسبة في بيروت وادعوا على بعض أعضاء البلدية بجرم سرقة المال العام. وكمثال على ذلك هناك دعوى مقامة باسم مواطن صالح تحت الرقم 847 في ديوان المحاسبة.
هذه التطورات لا تخلو من خلفيات انتخابية، وهذا ما يؤكده الأهالي في مجالسهم العامة والخاصة. فيرجّحون أن يكون الرئيس السابق للبلدية، ياسين جعفر، خلف هذه الحملة ليرفع عن نفسه «مسؤولية فساد المجلس الحالي»، وهو الذي كان مؤتمناً على أمواله، ففقد بذلك ثقة الغالبية. إلا أن الأهم من ذلك الوصول إلى إجابة عن سؤالين يكررهما الأهالي:
الأول: هل سيولي وزير الداخلية والبلديات قضية الأموال التي قيل إنها «مسروقة» حقها من خلال التفتيش والمحاسبة والنظر في دعاوى المواطنين؟ والثاني: هل سيخرج فعلاً المجلس البلدي المقبل من قبضة السلطة العائلية؟