حسم أساتذة التعليم الثانوي خيار التصعيد لاستعادة موقع مهنتهم التاريخي، وإقفال ملف الـ60%، فقرّروا الإضراب ليومين إضافيّين
فاتن الحاج
مرّة جديدة، يخرق الأساتذة الثانويون التسييس، ليقدّموا مشهداً حقيقياً للإجماع على أهمية ترجمة اعتراف وزير التربية بأحقيّة مطالبهم إلى مراسيم وقوانين. أمس، كان الإضراب التحذيري الأول في وجه حكومة الوحدة الوطنية، ولن يكون الأخير، بعدما اختار الأساتذة حسم المعركة بالتصعيد وإعلان الإضراب ليومين إضافيّين في 24 و25 الجاري. فهل سيتوحّد الأطراف السياسيون في الحكومة مع المطالب أم ضدها؟
300 ثانوية ودار للمعلمين و6000 أستاذ استجابوا للتحرك التحذيري. إلى هؤلاء وجّه رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب تحية نقابية «لالتزامهم الإضراب الشامل الواحد والموحّد على الأراضي اللبنانية». وقال في بداية اجتماع عقدته الرابطة مع مقرّري وأعضاء مكاتب الفروع في المحافظات لتقويم الإضراب: «كما انتصرتم في كل معارككم ستنتصرون في هذه المحطة التاريخية، التي لا تقلّ أهميةً عن سابقاتها، بوحدتكم والتفافكم حول الرابطة، التي هي الضمانة الوحيدة لنيل الحقوق». هكذا، راهن غريب على الأساتذة الثانويين لحسم المعركة وإقفال ملف التعويض الخاص (60 %) لقاء الزيادة في ساعات العمل. وهذا ليس التحرّك الأول للأساتذة في هذا الملف، فقد سبق لهم أن انتفضوا عام 1999 تحت العنوان نفسه. يومها صدر قرار وزاري بإحالة قيادة الرابطة على النيابة العامة، لكنّ الأساتذة صمدوا بوحدتهم، وتمكّنوا من إصدار القانون 148/99، الذي قضى بإعطائهم بدلاً مالياً مقسّطاً على ثلاث سنوات حتى عام 2003. ومرةً أخرى ازدادت ساعات عملهم بتعديل ساعات التناقص في التدريس. كذلك تمكّن الأساتذة من استرجاع 15% للمدير من أصل 75%، وبقيت الـ60% للأساتذة والمديرين، وهذا ما يطالبون به اليوم لاستعادة كامل التعويض. وعلمت «الأخبار» أن الكلفة لا تتجاوز 30 مليار ليرة لبنانية.
غريب أوضح أنّ الرابطة فعلت ما عليها، إذ قدّمت الدراسات والأرقام، وهي تنتظر اليوم القرار السياسي، وخصوصاً أن الحكومة تكاد تنهي مشروع الموازنة لعام 2010. وقال: «نريد أفعالاً لا أقوالاً، فالموضوع لم يعد يحتمل التأجيل والمماطلة والتسويف».
سأل: «كيف يرجئون تكاليف أتعابنا 12 سنة وهم لا يؤخّرون يوماً واحداً فواتيرهم التي يفرضونها على المواطن، بل إنّهم يبشّرونه برفع فاتورة الكهرباء والضريبة على القيمة المضافة!». وقد حرص غريب على التذكير بأنّ هدف التحرك ليس معيشياً فحسب، بل هو معركة لاستعادة موقع هذه المهنة المرموق والجاذب للكفاءات والاحتفاظ به، وحمّل السلطة السياسية مسؤولية النتائج المترتّبة على الخطوات التصعيدية، التي سيضطر أساتذة التعليم الثانوي الرسمي إلى تنفيذها، للدفاع عن التعليم الرسمي وجودته وتعزيز ملاكه، ولن توفّر

كلفة إقفال ملف الـ60 % لا تتجاوز 30 مليار ليرة
الرابطة في خطة التحرك الاتصالات مع المسؤولين، بمن فيهم الرؤساء الثلاثة، ومواصلة الحملة الإعلامية المتمثّلة بالبيانات واللقاءات والتصاريح والمؤتمرات الصحافية والدراسات. كذلك فقد دعت الجمعيات العمومية في الثانويات الرسمية ودور المعلمين إلى الانعقاد ما بين 4 شباط و13 منه، للمناقشة من أجل الإعداد والتعبئة للمشاركة في التحركات المطلوبة، على أن تحدّد مواعيد الاجتماعات بالتنسيق بين الهيئة الإدارية ومكاتب الفروع في المحافظات.
ومع أنّ قاعدة الأساتذة بدت متحمّسة وجاهزة، بدليل الضغوط التي تمارسها على الرابطة لجهة تنفيذ خطوات تصعيدية أخرى، فالرابطة تريد، بحسب غريب، «أكل العنب لا قتل الناطور»، لذا فهي لم تقفل باب الحوار، وحريصة على تجنيب التعليم الثانوي أيّ خضّة، لكونه صمام الأمان في التعليم الرسمي في جميع مراحله. لذا خلص غريب إلى القول: «لا تحرجونا فتخرجونا».
وسط هذه المعمعة، يبدو الالتفات إلى الطلاب ضرورياً: من يعوّض عليهم أيام التعطيل؟