تنوّعت انطباعات ممثّلي الاتحادات الشبابية الديموقراطية حول لبنان، فرحبوا بالتنوع السياسي الموجود فيه، وبما وصفوه «المجتمع المدني»، كما أحبّوا بحر بيروت

أحمد محسن
أغلب ممثلي الاتحادات الشبابية الديموقراطية يزورون لبنان لأول مرة. بدا ذلك واضحاً في عيونهم، وفي ترقبهم. تتركز اهتمامات هؤلاء الشباب في السياسة. ومن هذه النقطة، تتمحور علاقتهم بلبنان. لا يشبه البلدان الأخرى التي عرفوها، وقرأوا عنها: لبنان ساحة صراع دائم. هكذا كان يعتقد ممثل اتحاد الشباب الديموقراطي الياباني مثلاً. كل ما عرفه عن لبنان، ينضوي في اطار الحرب الدائرة في الشرق الأوسط عامةً، بين إسرائيل والعرب. لكنه لا يلبث أن يستدرك متذكّراً «الحروب التي تشنها إسرائيل على لبنان». وفي عبارة لافتة، رأى الياباني أن اللبنانيين منظمون جيداً، وهي شهادة آتية من بلاد معروفة بالتنظيم. استمتع اليساري الياباني بالمشي في شارع الحمراء، وعلى الكورنيش البحري رغم الصقيع، وارتفاع الموج. مازحه أحد رفاقه اللبنانيين «لم تر شيئاً بعد، ولبنان ليس منظماً».
على أية حال، التنظيم هو الأقل أهمية بالنسبة إلى اليساريين. أحد المشاركين الاكوادوريين يجد حرجاً في قول رأيه بصراحة. ثم لا يلبث أن يقول بلطف، إن الاعلام ينقل صورة مغايرة تماماً عن لبنان. كان يظن أنه يرى جمالاً وصحراء، ولن يقابل مجتمعاً متمدناً، تطغى عليه الموضة. وأسهم ولع اللبنانيين بـ«اللغات الأجنبية»، بتعزيز الانطباع الايجابي بالنسبة إلى الاكوادوري.
الأميركيون يعرفون ذلك جيداً. يعرفون أن لبنان بلد متقدم نسبياً في مجالي الاعلام والتواصل. لم يفاجأوا كثيراً. الأمر المفاجئ هو وجودهم. أحد أفراد البعثة ابتسم عند سؤاله عن موقفه من «الامبريالية»، وخصوصاً أن أغلب رفاقه في المنظمات يرون بلاده رأس حربة هذا النظام. كان دبلوماسياً جداً، اذ أكد أنه «شرف كبير أن تحارب الامبريالية من داخلها». المشي داخل العاصفة أصعب من مراقبتها خلف نافذة زجاجية.

ظن أحد الإكوادوريين المشاركين أنه سيرى صحراء في لبنان

وفي الحديث عن العاصفة، لا بد من التطرق إلى أحد ممثلي الاتحادات الأكثر نشاطاً: الصحراء الغربية. هناك، يتهم اليساريون وأغلب المواطنين، المملكة المغربية باحتلال أرضهم. يعتقد ممثل الصحراء الغربية مسبقاً أن في لبنان مساحة إعلامية أكثر حرية من بقية الدول العربية الأخرى، وهم في الصحراء المحتلة، يبحثون عن هذه المساحة. اتحاد الشباب الديموقراطي في الصحراء الغربية ناشطٌ في أوروبا، لأن الإعلام هناك مستقل عن الأنظمة، أما في بلاد العرب، فالأمر والصورة والصحف وكل شيء مصادر من الأنظمة الحاكمة، لذلك أحب الناشط اليساري بيروت.
تنوعت شهادات الزوار، وكان الطقس لافتاً لبعضهم، وخصوصاً الأفارقة منهم، لدرجة أن ممثل جنوب أفريقيا وصديقته، قررا البقاء في لبنان حتى يوم الاثنين المقبل، للتعرف إليه أكثر. الأوروبيون يحبون السياحة اجمالاً، وقد أعلن أكثر من ضيف منهم، أن لبنان بلد يستحق التعرف إليه عن كثب. اللافت في الموضوع، أن النقاش الكلاسيكي الذي يشغل بال اليساريين المشاركين عادةً كان أقل أهمية من النقاط الأخرى. لم يتحدثوا كثيراً عن الطبقة العاملة في بيروت، وعن نضالات هذه الحركة. اقتصرت معرفتهم بها على ما جهد اللبنانيون في الاتحاد لشرحه لهم. ثمة أبعاد سياسية أخرى تجذب الآتي إلى هذه العاصمة، كالصراع العربي الاسرائيلي، والتنوع الديني «الغريب».