«إثيوبيا؟ إثيوبيا؟» أكثر من عشر مرات كرّرت فريزا، العاملة الإثيوبية في أحد المنازل، هذا السؤال. كانت تقف على شرفة المطبخ، كعادتها كل عصر، تراقب شرفات الشقق المجاورة لتكتشف شخصاً جديداً وصل إليها. ذلك اليوم استطاعت أن تلاحظ وصول فتاة جديدة إلى الشقة المواجهة. السؤال الأول الذي طرحته فريزا عليها كان عن الدولة التي تنتمي إليها، إلا أن الفتاة الأخرى لم تكن إثيوبية بل بنغلادشية. «بنغلادش»، تقول الفتاة بصوت منخفض، فهي لم تعتد بعد التواصل عبر الشرفات الذي ستكتشف مع الأيام أنه سيكون الوسيلة الأبرز لتسليتها بعدما تنجز عملها. السؤال الثاني، سيكون عن «المدام». تسأل فريزا: هل هي «غود؟» (جيدة). إلا أن الفتاة البنغلادشية لم تفهم بعد معنى كلمة «غود» الإنكليزية، فتكتفي بكلمة «مدام» لتشير بيدها إلى أن السيدة نائمة الآن.
أيام قليلة وستلتزم شهناز، البنغلادشية، موعداً ثابتاً للدردشة. تخرج معظم العاملات الأجنبيات في وقت واحد إلى الشرفات ويبدأن أحاديثهن. من كانت تعمل لدى ربة عمل «غود»، لا تخشى من الحديث بصوت مرتفع، وحتى اقتراح اللقاء تحت البناية. أما من كانت ربة عملها قاسية، فهي تكتفي بالإشارات، لنقول مثلاً إنها لم تتصل بعد بأهلها، أو إن «المدام» لم تنم بعد، وهناك من لا تتردد في رمي قطعة من الغسيل المنشور على الحبل، لكي تطلب الإذن من المدام، وتنزل لإحضارها.
أحياناً، يخطر لناطور البناية أن يتدخل، فيلتقط هو قطعة الغسيل ويقدمها للعاملة، باذلاً جهده لكي تلامس يده يدها.
(الأخبار)