«وقفات الشارع مش لإلنا يا ماما». الجملة التي تحمل ما تحمله من هلع الأمهات الذي سببته سنوات حرب طويلة جنّدت أبناءهم في ميليشياتها، علقت في وعي حسن وإدراكه. وبما أن «العلم في الصغر كالنقش في الحجر»، لازمته وصية الوالدة، فلم تعد تستدعي تململ التفلت من المواعظ والإرشادات التربوية الثقيلة، بل أصبحت إحدى الثوابت والبديهيات في حياة الشاب. ليس حسن وحده من يغرّد خارج السرب. كثيرون من الشباب لا يتأثرون بـ«النداهة»، بتلك الحاجة الملحة والجذابة لحياة التسكع في الشوارع كما يصطلحون على تسميتها. مروان، المنكب على تحصيل شهادة جامعية في الهندسة لا يجد الوقت أصلاً لـ«تضييع الوقت بالشارع». أما علي، الطالب في كلية الصيدلة، فـ«بفضّل أبعد عن الشر وغنّيله»، كما يقول، مضيفاً: «وقفة الشارع ما بتجيب غير وجع الراس». في حديث بعض المتمنعين عن عشق الإسفلت، نبرة رصينة وجدية تدلّ على شخصيات منضبطة، أما في حديث البعض الآخر منهم، فلا يسع المرء سوى التقاط ذبذبة لما يشبه التمايز الاجتماعي الطبقي. فالغارقون في البطالة، والطلاب غير الجديين أو حتى المنتسبين إلى جامعات «مش كلاس»، ومحاكو «هيبية السبعينيات» وما بقي من اليسار «اللي عايشين الدور، وأصلاً ما عندن شي يعملوه ولا حيطلع منن شي» هم من يلازمون الأرصفة، كما يقول داني. وذلك لا يعني أن هذه الفئة أكثر انضباطاً، بل هي فقط لا تشرعن المتعة والتسلية إلا إذا اقترنت بـ«برستيج» صرف الأموال. فالتسكع مسموح في النوادي والحانات والمقاهي والمطاعم الباهظة، ربما، عندها، لا تعود غير مجدية كما هي وقفة الشارع، لأنها تكون بمثابة وقت ثمين للـ«تشبيك» ولتغذية العلاقات العامة بالأقران من الطبقة النافذة ذاتها.
(الأخبار)