رنا حايكانتهى عصر البراءة والرومانسية الحالمة، وإن استمرّ في بعض الحالات، يبدو نشازاً. وكيف له أن يستمرّ بكل رونقه في عصر السرعة وهاجس العملانية وقلة الصبر ونبذ تمتع الفرد بساعات الفراغ (التي تسمح له بالوقوف على البلكون أو بالتلطي على النواصي في الشارع) بوصفه بلادة في زمن الـ «time is money».
في تلك المعمعة التي طالت القيم، وككل مجال في حياتنا «النامية» في الشرق التي تستعير جميع مفرداتها من تلك «المتطورة» في الغرب، وقعت الفتيات فريسة السؤال الوجودي الذي ينلن عنه انتقاداً متكرراً من الذكور: «شو بدي؟» رومانسية البلكون أم حرية الشارع اللامحدودة؟
في المقابل، الواقع المفروض على الشباب انتشلهم من دهاليز الحيرة وسطوة المسؤولية، فأصبح «الشماعة» التي يعلقون عليها مبالغتهم في احتلال الشارع: فحين يكون «الشغل مش ماشي» على عكس ما تقول الأغنية، وحين تتحكم البطالة بمصير معظم الشباب، يكون الأمر قد قضي، وتصبح النارجيلة التي يتصاعد دخانها من أي متر مربع غير مشغول على الرصيف مشروعة. إلا أن حجة البطالة، التي كانت في السابق تبلي الواقع فيها بوصف اجتماعي غاية في السلبية، «عواطلجي»، لا تعود كافية لتبرير بلادة الاستسلام لعدم الإنتاجية (التي ليست مادية بالضرورة) 24/24. يبدو في المحصلة أن استحقاقاً يفرض على الفئتين من الشباب: فعلى الفتيات تحديد «شو بدن» فعلاً، بينما على الذكور أن يشدوا الهمة قليلاً، وأن يجدوا بديلاً من استسلامهم اللامحدود لإسفلت الأرصفة غير المنتج.