محمد نزاللم يكن علي (23 عاماً) يعلم أن العراك مع أحد الأشخاص، سيؤدي إلى أن توقفه القوى الأمنية، ولكن ليس بسبب العراك. فقبل سنتين، حضرت القوى الأمنية إلى منطقة المصيطبة ـــــ بيروت، إثر مشكلة حصلت بين شابين في المنطقة. وأثناء تفتيشهما، عُثر بحوزة أحدهما على قطعة من حشيشة الكيف وزنها 5 غرامات، مقطّعة إلى عدّة أحجام. كما عُثر معه على دفتري لفائف «ورق الشام»، التي تستعمل للف السجائر.
وبالتحقيق معه من جانب مكتب مكافحة المخدرات، في قوى الأمن الداخلي، اعترف الشاب بتعاطيه مادة حشيشة الكيف منذ أكثر من سنة، كما اعترف، بحسب ما جاء في الحكم القضائي الصادر بحقه، بأنه كان يستحصل على المادة المذكورة من أحد «التجّار» وهو شخص عمره نحو 50 عاماً ويقيم في البقاع. ومما جاء في إفادته، أنه كان يشتري «حاجته» من الحشيشة بمبلغ 30 ألف ليرة لبنانية ثمناً لكمية صغيرة، تكون موضبة داخل كيس صغير من النايلون.
وبنتيجة التحريات، تبيّن أن «التاجر» المذكور من أصحاب السوابق في تجارة المخدرات، وبحقه 68 أسبقية جنائية ومطلوب بعدّة مذكرات عدلية، لكنه متوار عن الأنظار. ولذلك، أصدرت محكمة الجنايات حكماً غيابياً بحقه، ووجاهياً بحق الشاب الموقوف.
وفي جلسة ختام المحاكمة، ترافع وكيل الشاب، شارحاً أن موكله قد عولج من الإدمان، بعدما كان يتعاطى المخدرات سابقاً. وبعدما طلب الوكيل الرأفة والرحمة لموكله، أعطت المحكمة الكلام الأخير لعلي، فطلب تفهم وضعه ومعاملته إنسانياً، وهذا ما تعبر عنه المحاكم بالمصطلحات القضائية بطلب «الشفقة والرحمة».
وبناءً على الأدلة والمعطيات الواردة، أصدرت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي حاتم ماضي، وعضوية المستشارين كارول غنطوس وهاني الحبّال، حكماً بإدانة الشاب بجنحة المادة 127 من قانون المخدرات، وبسجنه مدّة 3 أشهر وتغريمه مبلغ مليون ليرة لبنانية. وقد عادت المحكمة وخففت الحكم سنداً للمادة 254 من قانون العقوبات، بما لها من «حق التقدير»، مكتفية بمدة التوقيف الإداري، وهي مدة يومين قضاهما في مكان الاحتجاز أثناء التحقيق.

لعل الحكم التخفيفي يعطي لمن عولج من الإدمان دفعاً معنوياً إلى الأمام
أما التاجر، فقد جرّمته المحكمة غيابياً بجناية المادة 126 مخدرات، أي بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة به، وبتغريمه مبلغ 50 مليون ليرة لبنانية، إضافة إلى التأكيد على إنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه.
وقد رأى أحد الحقوقيين أنه يُسجل لهذا الحكم إنصافه الشاب، الذي كان يتعاطى المخدرات، لناحية منحه الأسباب التخفيفية التقديرية والاكتفاء بمدة توقيفه الإداري، نظراً لإشارة وكيله أمام المحكمة إلى أن موكله قد عولج من الإدمان، وأقلع عن تعاطي المخدرات «فلعل ذلك يعطيه دفعاً معنوياً إلى الأمام، ويشجعه على الاستمرار في قرار الإقلاع عن تعاطي المخدرات». ويقول أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان، إن هذه الأحكام المخففة تجاه المتعاطين، لا التجار، تجنبهم دخول السجون «المكتظة أصلاً في لبنان»، وربما تعفيهم من «تعلّم أساليب جديدة في مخالفة القانون من جانب المساجين هناك، حيث تغييب البرامج التأهيلية الهادفة لإعادة دمجهم في المجتمع كمواطنين صالحين».