رضوان مرتضى ــ سارة برسونعُثر على الصندوق الأسود الأول بعد مرور أيام على تحطّم الطائرة الإثيوبية. توجّه فريق تحقيق يضم مسؤولين لبنانيين وفرنسيّين وإثيوبيين إلى فرنسا الاثنين الماضي لتحليل المحتويات. قيل إن نتائج التحقيق النهائي ستظهر بعد 6 أشهر، لكن في اليوم التالي لوصول الصندوق إلى فرنسا، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر مطّلع على التحقيق أن «فريق التحقيق توصّل إلى نتيجة أوّلية تفيد أنّ الحادث كان بسبب خطأ الطيار، وفقاً لمعلومات ذُكر أنها مستقاة من الصندوق الأسود».
المعلومات التي سارعت جهات رسمية إلى نفيها واصفةً إيّاها بالمتسرّعة وغير العلمية، ليست جديدة. فقد ذُكر في اليوم التالي للحادث، أن الطيار لم يستجب لطلب برج المراقبة بتغيير اتجاهه. كما ذكر وزير المواصلات غازي العريضي أن الطائرة انعطفت بشدة قبل أن تختفي عن شاشات الرادار. سيقت روايات عديدة، لكنّ جميع المسؤولين استبعدوا أن يكون الحادث مدبّراً، ورجّحوا أن تكون الأحوال الجوية السيئة هي سبب سقوط الطائرة، لكنهم لا يزالون غير متأكدين من سبب جنوح الطائرة عن مسارها المحدّد بعد إقلاعها.
وسادت بعض التحليلات التي تحدّثت عن صاعقة برق ضربت الطائرة وسبّبت الكارثة، لكنّ معظم الخبراء يتّفقون على أن البرق عندما يضرب الطائرة في الجو، فإن التيار الكهربائي يتدفّق عبر الهيكل الخارجي للطائرة ثم يعود إلى الهواء لأنها بُنيت للتأقلم مع حالات كهذه بفعل الجهاز الموجود فيها، الذي يمتص الصواعق. ويشير هؤلاء إلى أن أقصى ما يمكن أن تخلّفه الصاعقة هو علامات حروق على الهيكل الخارجي. لكن، في المقابل، ذكر الطيار فرانك ستينفوت، الذي عمل على الخطوط الجوية الفرنسية طوال عشرين عاماً، أن هناك راداراً على متن الطائرة بإمكانه تحديد موقع العاصفة لتجنّب دخول الطائرة في مجالها، ولفت الطيار إلى احتمال تعطّل هذا الرادار فلا يلاحظ الطيار وجود العاصفة فيدخل في مجالها ما يؤدي إلى دمارها.
وفي سياق موازٍ لاستبعاد العمل التخريبي برزت معلومات من أربعة مصادر مستقلّة من داخل المطار تؤكّد أن الحادث لم يكن تماماً بسبب سوء الأحوال الجوية وحدها. فقد حصر هؤلاء أسباب الحادث، في إطار الخطأ التقني أو البشري.
فقد كشف مصدر واسع الاطلاع لـ«الأخبار»، رفض الكشف عن اسمه، أنه لدى إقلاع الطائرة الإثيوبية في تلك الليلة، تبيّن للطيار وجود مشكلة في المحرّك، فطلب من برج المراقبة الحصول على إذن ليستدير من أجل الهبوط، وأعطي الموافقة، لكن في الوقت نفسه، كان ثمّة طائرة تابعة لخطوط جوّية عربية آتية من عاصمة خليجيّة، ومقرّر هبوطها الساعة الـ2:30 فجراً، فحصلت على إذن الهبوط في الوقت نفسه أيضاً (وفي رواية لمصدر آخر مطّلع على جدول الرحلات، وصلت قبل 5 دقائق)، ما دفع الطيّار الإثيوبي إلى الاستدارة شمالاً ثم يميناً تجنّبا لاصطدام الطائرتين حسبما أكّد المصدر. ما الذي حصل بعد ذلك؟ لا أحد يعلم بعد، ولو أن مصدراً آخر في المطار أكّد أن الطائرة استدارت مرات عدة حول نفسها قبل أن تقع. وفي ما يبدو أنه «تتمة» لما حصل، يؤكّد مصدر آخر أن قائد الطائرة العربية تلك أدرك ما جرى، لافتاً إلى «أنه كان يبدو عليه الذهول حين هبط، وبمجرّد هبوطه، توجّه إلى الحمّام حيث بدأ يتقيّأ». شاهد عيان للحادث على أرض المطار، رفض ذكر اسمه، قال: «يمكننا أن نجزم أن خطأً ما قد حصل أثناء الإقلاع، ومن ثم انفجر المحرّك في الفضاء». ووفقاً لشبكة سلامة الطيران فإن هذا الحادث هو الثالث لطائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية من بين حوادث أدّت إلى مقتل مسافر واحد على الأقل. يُذكر أنّ آخر حادثة تحطّم شهدتها هذه الخطوط، باستثناء عمليات الخطف والتخريب، كانت عام 1988، إذ قضى 31 من المسافرين المئة والخمسة. يُشار إلى أن الطائرة التي صنعت قبل ثماني سنوات أُجري لها آخر كشف تقني يوم 25 كانون الأول، ولم يُعثر على أيّ مشاكل فنية.